Translate

السبت، 19 يناير 2013

المرأة والشورى

ومما يدل على جواز مشاركة المرأة في الشأن العام قوله تعالى: " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " (التوبة، آية: 71).

ويرى العلامة الأستاذ علال الفاسي أن الآية الكريمة: قد أثبتت الولاية المطلقة للمؤمنات كما أثبتتها للمؤمنين، وتدخل فيها ولاية النصرة، كما يدخل فيها الحضور في المساجد والمشاهد ومعارك الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم أضاف رحمه الله: وقد نص القرآن على التشاور بين الرجل وزوجته في شؤون الزوجية فقال: " فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا " (البقرة، آية: 233).
وإذا كانت الشورى مطلوبة لهذا الحد في أمر الأسرة، فما بالك بأمر الأسر الكبرى وهي الأمة والدولة، وكما أن الشارع لم يحرم نصف الأسرة ـ الذي هو المرأة ـ من حق الشورى.
وفي قوله تعالى " وأَمْرُهمُْ شُورَى بَيْنَهُمْ " (الشورى، آية: 38) فقوله أمرهم، شاملة الرجال والنساء معاً، ولا مجال لحصر ذلك على الرجال دون النساء.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال".

فالرجل والمرأة في الحقوق تجاه المجتمع والدولة على السواء، فكما يحق للرجل الترشيح لعضوية مجلس الشورى يحق للمرأة كذلك الترشيح ودخول مجلس الشورى، ولا اعتبار أن المشاركة السياسية التي تقوم بها المرأة هي أفعال قانونية وشرعية تهدف للتأثير على الآخرين أو أفعالهم. والأدلة التي تشير إلى دخول المرأة واجهة العمل السياسي وإبداء رأيها في الأمور العامة كثيرة منها ما رواه البخاري، عن استفادة النبي صلى الله عليه وسلم من رأي زوجته أم سلمة في مصلحة عامة، ففي صلح الحديبية حيث جاء فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "قوموا فانحروا، ثم أحلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها من لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك، أخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بُدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غما.
وفيه دليل على جواز أن يستشير المرأة الفاضلة العالمة الحكيمة، وكان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قريبة تسمى الشفا بنت عبد الله العدوية يستشيرها وقد كلفها بالإشراف على السوق.

وكانت المرأة تقف في وجه الخلفاء وتعترض على آرائهم ويقبل الخلفاء لهذه المشاركة السياسية من ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى: " وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناًً" (النساء، آية: 20)، فقد خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ألا لا تغالوا في صدقات النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق إثنتي عشرة أوقية، فقامت إليه امرأة فقالت: يا عمر يعطينا الله وتحرمنا أليس الله سبحانه وتعالى يقول: "وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً" فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفي رواية فأطرق عمر ثم قال: كل الناس أفقه منك يا عمر، وفي أخرى: امرأة أصابت ورجل أخطأ.
ـ وقد ورد في حق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان يستشير النساء في الأمر، حتى أنه كان يستشير المرأة فربما أبصر في قولها الشيء، يستحسنه فيأخذ به.
وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها، تفتي بأمور النساء، بل في أمور الدين والدنيا، وكان لها آراء في المصالح العامة، حتى قال ابن حزم 456هـ أنه يمكن أن يجمع من فتوى عائشة سفر ضخم، وقال عطاء: كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وكانت ذا رأي قوي في الشؤون العامة

ـ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل آراء الناس، من رجال ونساء معاً، فهذه المرأة التي جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: تقول له: ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء، فنزل قوله تعالى: "إنَّ المُسْلِمِينَ وَالمُسلِماتِ وَالمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَالقَانِتِينَ وَالقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالخَاشِعِينَ وَالخَاشِعَاتِ وَالمُتَصَدِقِينَ وَالمُتَصَدّقَاتِ وَالصَّآئِمِينَ وَالصَّآئِمَاتِ وَالحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ الله كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أعَدَّ الله لهُم مَّغْفِرةً وأجْراً عَظِيماً" (الأحزاب، آية: 35). إلا دليل على مدى الحرية التي امتازت بها المرأة في عهد النبوة في إبداء رأيها أمام رئيس الدولة.
ويرى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي أن المصلحة الاجتماعية تقتضي مشاركة المرأة في أعمال هذه المجالس، وأن القوامة قررت في الحياة الزوجية وحديث أبي بكرة قوله صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، في الولاية العامة، أي رئاسة الدولة، أما بعض الأمر فلا مانع لذلك كالقضاء والفتوى، وقد أجاز ذلك بعض الفقهاء مثل ابن حزم مع ظاهريته، وهذا يدل على عدم وجود دليل شرعي صريح يمنع من توليها القضاء إلا لتمسك به ابن حزم وجمد عليه، وقاتل دونه كعادته.
ـ ومما قصه علينا القرآن الكريم: حالة المرأة وهي تستشير غيرها، وحالة المرأة وهي تشير على غيرها وكل ذلك في سياق التنويه والإقرار والرضى.
فأما الحالة الأولى: ففي قوله تعالى عن ملكة سبأ "قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ" (النمل، آية: 29 ـ 35).
وأما الحالة الثانية: فقول إحدى المرأتين الأختين لأبيهما عن موسى عليه السلام: "قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ " (القصص، آية: 26)، وقد نجم عن هذه المشورة السديدة خير كثير.,
إن الأصل في استخلاف الإنسان، أنه يشمل الرجال والنساء معاً، والعمل السياسي هو بذاته عمل صالح إذا كانت النية خالصة في هذا، وكان فيه فائدة المسلمين وللبشرية بصورة عامة لقوله تعالى: " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ " (آل عمران، آية: 195).
ـ وقال تعالى: " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " (النحل، آية: 97).
بل إن النص القرآني واضح في أن المرأة مطلوب منها العمل على جلب المعروف في نفسها ومجتمعها، فقد قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (الممتحنة، آية: 12).
والشورى من العمل السياسي، بل هي من صميمه والمرأة مطالبة به، كما أن الرجل مطالب به، فقوله: "وأمرهم شورى بينهم" والنص يشمل مدح الرجال والنساء معاً، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله يؤيد هذا الحق العام للنساء، فقوله أشيروا علي أيها الناس، والنساء كالرجال تدخل لفظة الناس وفعله في استشارة زوجته أم المؤمنين أم سلمة لدليل قوي على ذلك، وفي رواية أخرى ما يشير إلى ذلك بقوة، فعن أم سلمة: كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان يوماً من ذلك والجارية تمشطني، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيها الناس، فقلت للجارية إستأخري عني، قالت: إنما دعا الرجال ولم يدع النساء فقلت إني من الناس.



الشورى في تنظيم الشورى

من القضايا التي أصبحت جلية ومسلمة، كون الإسلام أرسى مبدأ الشورى وأمر به وحث عليه، ونوّه بفضله وأهميته، ثم ترك تنزيله وتنظيمه مرسلاً مفوضاً للاجتهاد والتدبير والتكييف، بما يناسب كل زمان أو مكان أو مجال، أو ظرف، وبهذا نستطيع أن نقول إن التفاصيل والكيفيات التطبيقية للشورى هي نفسها مجال من مجالات الشورى ومثلها كافة الشؤون التنظيمية والإدارية للدولة والمجتمع والجماعات، فهي داخلة في قوله تعالى: "وأمرهم شورى بينهم"، فهي كلها من أمورنا التي يجب أن نبثّ فيها وننظمها ونعدِّلها ونلائمها شورى بيننا، وإجمالاً فإن كل ما يتطرق إليه الاحتمال والاستشكال، ويدخله الاجتهاد البشرى وكل ما يثير عادة الخلاف والتنازع، وكل ما سكت عنه الوحي وكل ما هو مشترك بين الناس من واجبات وحقوق ومصالح، ففيه مجال للشورى، وجوباً أو ندباً حسب أهمية كل مسألة وحجم انعكاساتها على الناس في دينهم ودنياهم وعلاقاتهم .

الشورى في الأحكام الاجتهادية والخلافية


ومما يحتاج إلى نظر وتناظر وتشاور - وهو غير بعيد عما سبق - الأحكام الشرعية القائمة أصلاً على الاستنباط , والترجيح بين مقتضيات الأدلة ودلالاتها ويدخل كذلك في مجالات الشورى ـ ومن باب أولى ـ الاجتهاد في أحكام ما ليس فيه نص , مما سبيله القياس والاستحسان والاستصلاح فهذه كلها مجلات دينية شرعية , ومع ذلك فالشورى فيها بين أهل العلم والنظر والاجتهاد هي سنة الصحابة والخلفاء الراشدين , بل هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية. إن الذين يقصرون الشورى ـ أو يركزون فيهاـ على الشؤون السياسية والدنيوية ويتركون شؤون الدين وأحكامه لآحاد الفقهاء والمفتين والولاة والقضاة، إنما هم في النهاية يعظمون الأولى ويهونون أمر الثانية، فالأمر الذي يسند النظر فيه إلى جماعة يتباحثون ويتناظرون ويتشاورون قبل البث فيه يكونون ـ بدون شك ـ أكثر حرمة وأعلى منزلة وأحظى بالسداد والرشاد من الذي يوكل للأفراد واجتهادهم الفردي.

الشورى في تنزيل الأحكام القطعية


على أن الحكم الشرعي القطعي - رغم ذلك - يبقى محلاً للشورى من حيث التنزيل والتنفيذ وما يتصل بذلك من شروط وكيفيات وآجال وعوائق أو موانع , فيمكن التشاور بشأنه من هذه النواحي لا من حيث المبدأ وهذا مانبه عليه أبو عبدلله بن الأرزق في النوع الثاني مما يستشار فيه بقوله: المستشار فيه أي ماتقع فيه المشاورة نوعان:
-: ماهو من أمور الدنيا وخفي وجه الصواب فيه فيطلب العثور عليه بالمشورة.
-: ماهو من مقاصد الدين , ولم يتعين في الحال , أو أشكل فيه التلبس بالعمل به باعتبار أمر خارج عن ذاته.
ويمكن أن نجد أنفسنا بحاجة إلى الاجتهاد والتشاور في مسائل تتعلق بالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وبعض أحكام الحج والصيام ومصارف الزكاة وإقامة الحدود ... مع أن هذه كلها أحكام منصوصه قطعية ولكنها - وغيرها - قد تعتري تطبيقها ملابسات واشكالات وموانع ومستجدات , تحتاج إلى نظر وتناظر , وموازنه وحسن تدبير.

الشورى في القضاء


القاضي يظل يحكم فى الأموال والدماء والفروج وغيرها من المصالح والتظلمات والنزاعات ويحكم على الافراد والجماعات وربما على الدول والحكومات وإذا كان الفقيه أو المفتي يجتهد لاستنباط الحكم من أدلته فإن القاضي يفعل هذا , ثم يجتهد مرة أخرى في النازلة المعروضة عليه وفي أدلة كل طرف من أطرافها , وحقيقة خفاياها وملابساتها , فهو يجتهد مرتين , ولهذا فحاجته إلى المشاورة في حكمه , هي أشد وآكد من حاجة الفقيه في فتواه وخاصة في القضايا المعقدة والنوازل الكبيرة , فما يروى من الاحاديث والآثار في المشاورة للنوازل التي ليس فيها كتاب ولا سنة , منطبق بالضرورة وبالدرجة الأولى على النوازل التي كانت ترد على الخلفاء وغيرهم من الصحابة للفصل فيها بين المتنازعين وهو ما ينطبق على جميع المنتصبين للحكم والقضاء بين الناس , وعن عمر بن عبد العزيز قال: لاينبغي للقاضي أن يكون قاضيا حتى يكون فيه خمس خصال عفيف، حالم، عالم بما كان قبله , يستشير ذوي الرأي , لا يبالي بملامة الناس, وفي كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عروة: كتبت إلي تسألني عن القضاء بين الناس وإن رأس القضاء اتباع مافي كتاب الله ثم القضاء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بحكم أئمة الهدى , ثم استشارة ذوي العلم والرأي، وإذا كان بعض الفقهاء قد جعلوا المشاورة للقاضي على الندب لا على الوجوب , فهذا يمكن أن يقبل في القضايا البسيطة , الواضحة والمتكررة , أما القضايا المعقدة والملتبسة والجسيمة فلا يصح فيها الا القول بالوجوب وهو قول جمهور الفقهاء.
وهكذا يظهر جليا أن اشتراط صفة المشاورة في القضاة وإلزامهم بها ليس شيئاً عارضاً أو طارئا , أو دخيلاً .

الشورى في المجال السياسي الدينوي


هذا هو المجال المعروف للعمل بالشورى , ويقترن ذكره بذكرها قال الحافظ ابن حجر وقد اختلف في متعلق المشاورة: فقيل في كل شئ ليس فيه نص وقيل في الأمر الدنيوي فقط وقال الداودي: إنما كان يشاورهم في أمر الحرب مما ليس فيه حكم , لأن معرفة الحكم إنما تلتمس منه.
وقال القاضي ابن عطية: ومشاورته عليه السلام إنما هي في أمور الحروب والبعوث ونحوه من أشخاص النوازل، وأما في حلال أو حرام أو حد فتلك قوانين شرع.
وعلى العموم فإن من أبرز المجالات الشورية التي يكثر ذكرها وذكر أمثلتها مجالين اثنين هما: المجال السياسي والمجال العسكري أو الحربي , ويمكن جمعها معاً تحت اسم التدبير السياسي , بشقيه المدني والعسكري ويدخل في ذلك التشاور لاختيار الخليفة أو الحكام عموماً , ثم تشاور الحكام والقادة السياسيين والعسكريين مع مستشاريهم ومساعديهم في رسم الخطط وتنفيذها , واتخاذ القرارات في مختلف الإشكالات والنوازل السياسية والحربية بما في ذلك عقد السلم , أو إعلان الحرب , أو إجراء الصلح.

التكفير الشيعي لـ‏90‏% من المسلمين‏!‏ / د. محمد عمارة


كان العلامة المجاهد الشيخ محب الدين الخطيب‏(1303‏ ـ‏1389‏ هـ‏1886‏ ـ‏1969‏ م‏)‏ علما من أعلام الفكر والجهاد الإسلامي في القرن العشرين‏..‏
وكانت المكتبة والمطبعة السلفية التي أسسها ـ بالقاهرة ـ مركزا لأحرار الفكر وأعلام الجهاد الإسلامي, وندوة علمية تربي فيها العديد والعديد من المفكرين والساسة والمجاهدين..ومن بين الآثار الفكرية التي خلفها لنا هذا الإمام المجاهد كتاب صغير ـ في عنوانه غرابة ـ هو( الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الاثني عشرية)!..
وقد يستغرب البعض استخدام محب الدين الخطيب مصطلح دين الشيعة بدلا من مذهب الشيعة.. لكن الذين خبروا حقيقة عقائد الشيعة الإمامية يدركون دقة هذا الاصطلاح.. بل يعرفون أن كبار علماء الشيعة أنفسهم لاينكرون ذلك, وأن منهم من جاهر باستخدامه.. فشيخ الطائفة نعمة الله الجزائري(1212 هـ1797 م) يعلن ـ في كتابه( الأنوار النعمانية) جـ2 ص279 ـ مفارقة الشيعة لأهل السنة والجماعة ـ الذين يمثلون أكثر من90% من المسلمين ـ حتي في الألوهية والنبوة!!.. فيقول: إننا لم نجتمع معهم علي إله ولانبي, ولا علي إمام, وذلك أنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمد نبيه, وخليفته أبو بكر.. ونحن لانقول بهذا الرب ولابذلك النبي, بل نقول: إن الرب الذي خليفته أبو بكر ليس ربنا ولاذلك النبي نبينا!!.
> ونعمة الله الجزائري هذا ـ وهو شيخ الشيعة في عصره ـ يصف الأشاعرة ـ الذين يمثلون99% من أهل السنة والجماعة ـ بأنهم لم يعرفوا ربهم بوجه صحيح, فلا فرق بين معرفتهم هذه وبين معرفة باقي الكفار.. فهم ومتابعوهم أسوأ حالا ـ في باب معرفة الصانع ـ من المشركين والنصاري.. ولقد تباينا وانفصلنا عنهم في باب الربوبية!.
> ولقد يحسب البعض ـ من الذين لم يقرأوا كتابا في أصول العقائد الشيعية ـ أن كلام نعمة الله الجزائري هذا تطرف مذهبي, أو اجتهاد غير ملزم لجمهور الشيعة.. لكن الذين يعودون الي مصادر الأحاديث عند الشيعة, التي نسبوها الي أئمتهم المعصومين, والتي هي لذلك ـ ملزمة لهم جميعا, سيجدون في كتاب الكافي الذي جمعه الكليني(329 هـ941 م) ـ الذي يلقبونه بثقة الإسلام ـ والذي يقوم كتابه هذا عند الشيعة مقام( صحيح البخاري) عند أهل السنة والجماعة ـ سيجدون الشيعة يرون حديثا نسبوه الي الإمام الرضا ـ أبو الحسن علي بن موسي(153 ـ203 هـ770 ـ818 م) يقصر فيه دين الإسلام علي الشيعة وحدهم, ويخرج غيرهم من دين الإسلام.. ونص هذا الحديث: إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم, أخذ الله علينا وعليهم الميثاق, يردون موردنا, ويدخلون مدخلنا. ليس علي ملة الإسلام غيرنا وغيرهم الي يوم القيامة ـ( الكافي) جـ1 ص223.
فالشيعة ـ انطلاقا من هذه العقيدة ـ التي صاغوها في أحاديث معصومة, مروية عن المعصومين, قد حكموا بالتكفير والإقصاء من الدين الإسلامي علي جمهور الصحابة وجمهور أمة الإسلام.. أي أنهم قد أعلنوا المفاضلة في ذات الدين!..
> ولقد أورد محب الدين الخطيب ـ في كتابه هذا ـ كلاما آخر قد يستغربه الكثيرون, وذلك عندما قال: إن الشيعة قد جعلوا من أئمتهم آلهة مثل آلهة اليونان!..
ولكن هذا الاستغراب سيزول إذا نحن قرأنا عقيدة الشيعة في الإمامة وفي الأئمة الاثني عشر, فلقد جعلوا الإمامة شأنا إلهيا, لاعلاقة لها بالأمة ولا بالشوري والاختيار والبيعة.. كما ألهوا الأئمة بإشراكهم مع الله في إيجاد الكون وإدارته وتدبيره, وذلك فضلا عن رفعهم مرتبة الإمامة والأئمة فوق مرتبة النبوة والأنبياء, وقولهم باستمرار الوحي الإلهي الي الأئمة كما كان مع الأنبياء والمرسلين.. ولغرابة هذه العقائد علي أسماع الذين لم يخبروا عقائد الشيعة, نسوق طرفا من نصوص كبار مراجعهم حول عقائدهم وتأليه الأئمة, وإشراكهم مع الله في الخلق والتدبير!
> فالشيخ محمد الوحيد الخراساني(1340 هـ1922 م) يقول ـ في دروس علم الأصول, بالحوزة العلمية ـ بمدينة قم ـ: إن الأئمة هم فاعلون مابه الوجود وإن الله منه الوجود. وإن إمام العصرصار عبدا, وعندما صار عبدا صار ربا!
> أما السيد محمد الشيرازي(1338 هـ1920 م) فإنه يقول بتفويض الله للنبي وللأئمة من أهل البيت الولاية التشريعية والولاية التكويذية, وذلك بمعني أن زمام العالم بأيديهم, فلهم التصرف فيه إيجادا وإعداما ـ كما أن زمام الإماتة بيد عزرائيل ـ وأنهم ـ( الأئمة) ـ الوسائط في خلق العالم, والعلة الغائبة له, كما أنهم سبب لطف الله تعالي وإفاضته علي العالم, واستمرارقيام العالم بهم!.
> أما الخميني(1320 ـ1409 هـ ـ1902 ـ1989 م) فإنه يقول: إن من ضروريات مذهبنا: أن لأئمتنا مقاما لايبلغه ملك مقرب ولانبي مرسل, وبموجب مالدينا من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم ـ صلي الله عليه وآله ـ والأئمة ـ عليهم السلام ـ كانوا قبل هذا العالم أنوارا, فجعلهم الله بعرشه محدقين.. وقد ورد عنهم ـ عليهم السلام ـ: إن لنا مع الله حالات لايسعها ملك مقرب ولانبي مرسل!
كما يذكر الخميني مايقوله الشيعة عند زيارة مراقد الأئمة ـ في الزيارة الجامعة الشريفةـ إذ يخاطبون الأئمة فيقولون لهم: إن حساب الخلق عليكم وإيابهم إليكم!.. ثم يحكي الخميني عقيدة الشيعة في أن الإمام قائم علي كل نفس بما كسبت!.. ويقول: إن الإمام درجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون.. وإن مادة ـ( هيولي) ـ عالم الإمكان مسخرة تحت يد الإمام يقلبها كيف يشاء!
> وعند آية الله مرتضي مطهري(1338 ـ1400 هـ1920 هـ1980 م) ـ وهو تلميذ الخميني والبروجوردي وأحد كبار فلاسفتهم ـ فإن الإمامة عند الشيعة أرفع من بعض درجات النبوة.. وإن من بين المقامات التي تذكر للإمام: تسلطه علي الضمائر, أي القلوب!..
> أما السيد محمد تقي المدرس ـ وهو من كبار فلاسفتهم المعاصرين ـ فإنه يثبت ويؤكد عقيدة الشيعة في استمرار الوحي الإلهي لأئمتهم فيقول: إن الإنسان الذي يعتقد بالوحي لابد أن يؤمن أيضا بامتداد هذا الوحي المتمثل في الأئمة ـ عليهم السلام ـ وأن هذا الامتداد يتجسد, بل يرتفع وينمو حتي يصل الي قمته, والي ذروة امتداده المتمثلة في الإمام الحجة المنتظر ـ عجل الله تعالي فرجه!..
> ولم يكتف الشيعة بهذا التألية للأئمة.. والزعم بأن حساب الناس عليهم, وإيابهم إليهم.. وأن لهم ولاية تكوينية علي كل ذرات الكون.. وأن زمام العالم بأيديهم, لهم التصرف فيه إيجادا وإعداما.. وأن الإمام عندما صار عبدا صار ربا.. وهو قائم علي كل نفس بما كسبت.. وأن مرتبته فوق مرتبة النبوة, لأن النبوة لطف خاص, بينما الإمامة لطف عام.. وأن وحي الأنبياء والمرسلين قد تقطع, بينما الوحي للأئمة دائم أبدا.. لم يكتف الشيعة ـ في أصول عقائدهم التي اجتمعوا وأجمعوا عليها ـ بهذا.. وإنما ذهبوا فزعموا أن لأئمتهم قدرات تفوق القدرة الإلهية!!.
فنسبوا الي الإمام زين العابدين ـ أبو محمد علي بن الحسين(38 ـ94 هـ658 ـ712 م) حديثا يقول فيه: إن اسم الله الأعظم علي ثلاثة وسبعين حرفا. وإنما كان عند آصف منها حرف واحد, فتكلم به فخسف بالأرض بينه وبين سرير بلقيس, حتي تناول السرير بيده, ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين.. ونحن ـ( أي أئمة الشيعة) ـ عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا, وحرف واحد عند الله استأثر به في علم الغيب عنده! ـ( الكافي) جـ1 ص.230
فما عند أئمة الشيعة من ولاية تكوينية علي كل ذرات هذا الوجود تفوق ـ بزعمهم ـ قدرات الله سبحانه وتعالي بنسبة71 الي1 ـ!!.
> وإذا كان هذا التأليه الشيعي لأئمتهم الإثني عشر قد فاق ماقالت به الكنيسة الكاثوليكية بالنسبة للباباوات أضعاف الأضعاف وإذا كانت الكنيسة الكاثوليكية قد انصرفت عن أغلب غلوها في الباباوات.. فإن الشيعة, في عصرنا الراهن, لم يكتفوا بهذا الذي قدمنا طرفا منه ـ في تأليههم لأئمتهم ـ حتي ذهب الخميني ليرفع السقف عن هذا الغلو الشيعي الغريب والعجيب ـ ويقول: إن الشيعة يعتقدون في أئمتهم بما هو أعظم مما لايخطر علي بال أحد.. وبما يبعث علي تحير العقول.. فلم يقف أحد علي حقائقهم وأسرارهم ـ عليهم السلام ـ إلا أنفسهم ـ( الأربعون حديثا ص489 ـ.
> ولقد ظلت مصر ـ كنانة الله في أرضه ـ طاهرة من فتنة التكفير هذه منذ سقوط الدولة الفاطمية سنة1171 م.. حتي نبتت فيها نابتة سوء تشيعت, وسقطت في مستنقع التكفير لصحابة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ومن والاهم.. فذهب زعيمهم الي قم, وألقي خمس محاضرات في مركز الدراسات العقائدية, نشروها في كتاب, محاضرات عقائدية].. وفيها وصف عمر بن الخطاب بأنه صنم وشقي.. وكافر!.. وقال عن الصحابة: إنهم قد صدهم الشيطان عن الاستجابة لأمر الله فارتدوا وجحدوا ما أنزل الله..! ووصف أهل السنة والجماعة ـ أي90% من المسلمين ـ بأنهم يأكلون ولايعقلون, ويهرفون بما لايعرفون.. وأنهم أصنام قد اتبعوا الطاغوت!.. الأمر الذي دعا الازهر الشريف للتصدي لهذا الفحش الفكري, كي تتطهر كنانة الله في أرضه من هذا الوباء.. وباء التكفير!.
> هكذا جعل الشيعة الإمامة أم العقائد الدينية بينما جعلها أهل السنة والجماعة من الفروع والسياسات والفقهيات.. ولذلك حكم الشيعة بالكفر علي من يخالفهم حتي في إمام واحد من أئمتهم الاثني عشر ـ لأنه خلاف في الأصول الاعتقادية ـ بينما رفض أهل السنة أي تكفير في الخلاف حول الإمامة والخلافة والسياسة والفقهيات, لأنها من الفروع.. ولذلك حكم الشيعة بالكفر علي أهل السنة والجماعة ـ أي علي90% من أمة الإسلام ـ منذ عصر الصحابة وحتي كتابة هذه السطور!.. ولقد استحلوا دماء أهل السنة ـ تاريخيا ـ عندما تحالفوا مع التتار ضد الخلافة العباسية.. ومع الصليبيين ضد صلاح الدين الأيوبي.. وصنعوا الشيء ذاته ـ في عصرنا الراهن ـ عندما تحالفوا مع أمريكا لتدمير العراق!.. وها هو الحرس الثوري الإيراني, وجيش المهدي العراقي وحزب الله اللبناني يتقربون الي الله بقتل أهل السنة في سوريا!!
فهل تعي نخبنا ـ الغافلة أو الجاهلة ـ هذه الحقائق التي قدمنا, طرفا منها فقط؟!
نقلا عن الأهرام

الجمعة، 18 يناير 2013

باكينام هانم... يا مرسي/ محمد موافي


جزى الله الشدائد كل خيرٍ عرفت بها عدوي من صديقي.. و"منين أجيب ناس بمعناة الكلام يتلوه.. الاسم مستشارون.. ويوم الاتحادية باعوه"... ففي زمن "خيبتها نخبتها", رأينا عجبًا, ما ليس بالعجبِ, وأصبح الطبيعي أن يكون الباطل حقًا, مع أن الباطل باطل, ولو دقوا لها الطبل  بالفضائيات ورقصت له سما وأخواتها من المذاكير..
والرجولة أدب, وتمثلت في امرأة, بقت من معركة الاتحادية, بنت المصريين: باكينام الشرقاوي.. فالفتن التي مرت بغبارها, أثبتت أن  أغلب الاختيارات, لم تكن سليمة, والسبب توزع بين العجلة, ومبدأ الترضية ودفع اتهام الأخونة والاستحواذ, أو التأثر بالابتزاز السافر..
وباكينام, كادت أن تكون الوحيدة, التي ظلت تؤدي أمانة الاستشارة.. فمستثار زنان, ومستثير منسحب, وثبتت مستشارة... هي بنت المصريين بكل جدارة..
يوم الاتحادية, خرج بعضهم يبكي, وانتهز آخر الفرصة, ظنا بأن أمام مرسي, ساعات  قبل الخلع.. وكشف ثالث عن وجهه الحقيقي, الذي أتعجب - والله العظيم أتعجب جدًا- من أن ذلك الوجه, لم يظهر لقيادات الحرية والعدالة, التي ساهمت في  الاختيارات..
الدرس المهم أن على الرئيس مرسي, وعلى كل قيادات الحرية والعدالة مراعاة الله, في القادم من الاختيارات.. أن يجعلوا انتقاءهم قائمًا على ثلاثة معايير.. ثالثهم الثقة, وثانيهم الخبرة.. أما أولهم فهو معيار اختبار كشف صفات فروسية الرجولة ونُبلها..
المعايير الثلاثة السابقة,أحسبها-والله حسيبها- في باكينام... باكينام: أستاذ سياسة.. يعني خبرة, وبكينام: رهان واضح لصالح رئيس شرعي منتخب.. يعني ثقة, وقبلهما, باكينام: ثبات ومَحبة لمصر بالفعل, وليست الكلام.. يعني: رجولة.
 الدين النصيحة, وبعض المستشارين فهموها على أنها إشعال فضيحة.. وباكينام هانم جعلتها حازمة وصريحة, باتزانها وأمانة أداء النصيحة لأئمة الناس وعامتهم..
أردت أن أثبت أن مصر لا زالت و لم تزل و ستظل - بإذن الله- أم الرجال, و النساء اللواتي هن شقائق الرجال وأحيانا كثيرة, يتفوقن ويستأهلن رفع القبعة, التي طارت من فوق رؤوس  مذاكير..
فسبحان من خلق سما وتهاني, وخلق باكينام هانم زماني.. و لأن الدين النصيحة, فيا أيها الرئيس -أيًا كان اختيارك القادم فسيتهمونك بالأخونة-, فلا تعبأ.. ودقق جيدًا في أمانة اختياراتك المقبلة.. بالله عليك يا شيخ, دقِقْ.

نصيحة عصام سلطان للرئيس مرسي


عصام سلطان لمرسي: 
إذا لم يستيقظ الناس كل صباح على فعل جديد وقرار مفيد، فسوف يكيلون لك نقداً فوق نقد، ويزدادون احتقاناً فوق احتقان ..إذا لم تسحر بل تسرق عيون وأحلام الناس بالمشروعات والإنجازات، فسوف يسبقك إليها المخادعون والأفاقون بالدس والوقيعة “.


الاتحاد الأوربي يقترح ضم مصر للسوق الأوروبي الموحد

رئيس الاتحاد الاوروبي: الاتفاقية مقترحة لإدراج مصر في اكبر سوق في العالم يتضمن 500 مليون مستهلك مما سينمى صادرات مصر ويجذب المزيد من الاستثمارات .. والاتحاد سيقدم لمصر اكثر من 6.5 مليار دولار فى صورة منح وقروض ميسرة بفترات سماح طويلة، وذلك بالتوازي مع اتفاقية قرض صندوق النقد لمصر.

الخميس، 17 يناير 2013

مصر تنجح في بيع محصولها من القطن بالكامل للمرة الأولى

كشف صلاح عبد المقصود، رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الحكومة نجحت في تسويق وبيع جميع كميات محصول القطن للموسم الحالي، والتي قامت بجمعها من الفلاح المصري، وتقدر كمياتها بنحو 3 ملايين قنطار قطن سواء لشركات الغزل والنسيج التى تعمل بالسوق المحلية أو بتصدير الكميات الأخري وإن مصر حصدت مليون و850 ألف قنطار قطن زهر، انتجت منها 2 مليون و200 الف قنطار زهر، إضافة إلى وجود 850 ألف قنطار متبقية من الموسم الماضي، نجحت وزارة الزراعة ولاول مرة فى تسويقها وبيعها بالكامل دون كميات متبقية.

كلام فى الهواء/ عصام سلطان


عزيزى .. إما أن تقود أو تقاد، إما أن تكون منتجاً للأفكار وصانعاً للأحداث وإما أن تكون رداً للفعل وصدى للصوت، إما أن تبادر وتقتحم بما لديك من رؤية ذات أهداف ووسائل ومراحل وزمن، وإما أن تكون مضغة فى فم إعلامى رخيص أو صحفى مريض أو سياسى حاقد ..
عزيزى .. إذا لم يستيقظ الناس كل صباح على فعل جديد وقرار مفيد، فسوف يكيلون لك نقداً فوق نقد، ويزدادون احتقاناً فوق احتقان ..
إذا لم تسحر بل تسرق عيون وأحلام الناس بالمشروعات والإنجازات، فسوف يسبقك إليها المخادعون والأفاقون بالدس والوقيعة ..
عزيزى .. من السهل جداً على الكذابين أن ينسبوا كل أخطاء الماضى لك، وكل خطايا الظالمين عليك، ومن المتصور ألا تستطيع الدفاع عن نفسك، لأن الجماهير ستصدقهم مع علمها بكذبهم ! وتؤيدهم مع يقينها بأنهم المتسببون أصلاً فى كل مصائب البلاد ..! وهذه من عجائب الدنيا .. 
عزيزى .. صلاحك وحده لا يكفى، فقد كان عثمان بن عفان أصلح الناس، ولكنه اكتفى بردود الأفعال والدفاع عن نفسه، فقتله المجرمون، بعد أن حاصروا بيته ! رضى الله عنه .. 
عزيزى .. لقد أصبحت فجأة أنت السبب المباشر فى حادث القطار .. وسقوط العقار .. ليس لأن هذا صحيح .. ولكن لأن عيون الناس لا تلتقط إلا صورهم الخادعة .. لاختفاء أفعالك .. وقرارتك .. ومبادراتك .. وصورتك ..!

الأربعاء، 16 يناير 2013

٤٣٥٠٩ مسلم مقاطع لقنوات الـ mbc ومعلنيها

زاد عدد الموقِّعين على حملة مقاطعة قنوات الـMBC والشركات المعلنة فيها،  والتي دشنها الشيخ "عبدالله المحيسني"، إلى أكثر من 40 ألف مشارك ومشارِكة من داخل المملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية.
وأشير في مقدمة الحملة إلى أنها قائمة يوقع فيها العالم الإسلامي على رفضه لما تقوم بها قنوات الفساد، وعلى رأسها باقة MBC عبر تسجيل أسمائهم، وأن لا يسجل الشخص إلا إذا كان عازماً على مقاطعة باقة الـMBC والمنتجات التي تعلن فيها.
ويُطلب من المشاركين في الحملة تدوين بيانات مختلفة عنهم منها: الاسم، الجنس، الدولة، المدينة، البريد الإلكتروني، وقد حملت عبارات عديدة منها "قاطعوا الفساد تقربا ًلرب العباد".
وأكد المشرف على الحملة أن مقاطعة القنوات ستكون للأبد لكون مقاطعة الفساد لا تحدد بزمن، تعبداً لله وقربة، وقال "أما المعلنون فيها فسنقاطعهم شهراً كاملاً فإن انسحبوا وإلا سنصعد الحملة بشكل كبير جداً، علماً بأن أي معلن ينسحب ستنتهي مقاطعته وسيكون لك وفاء منه لرغبة الشعوب".
وعن أسباب المقاطعة، أوضح المشرف على الحملة أنها تأتي على خلفية قدح هذه القنوات في العقيدة وسعيها في سلخ المسلم من هويته الإسلامية وإفسادها للأخلاق ودعوتها للرذيلة والمنكر وخدمتها للرؤية التغريبية والأمركة وإفسادها للأطفال بعرض أفلام كرتونية غير مناسبة وتشجيعها للمجون والغناء وإشاعة الفاحشة ..
وأضاف: "المؤمل بالمسلم أن يحذف كل قنوات الفساد وهذا واجب متحتم فإن لم يفعل يقاطع الـMBC لتكون عبرة لغيرها".
ووجه المشرف على الحملة الشيخ عبدالله المحيسني الدعوة لنشر الحملة لجمع آلاف الموقعين لتكون درساً قاسياً كون الشركات لا تعرف سوى لغة المال ويجب أن يُخاطبوا بما يفهمون.
يشار إلى أن الأيام الماضية شهدت تصريحاتٍ متبادلة بين مجموعة "MBC" والشيخ العريفي، بدأت شرارتها بعد أن طالب العريفي الآباء بمنع أطفالهم من مشاهدة قناة الأطفال"MBC3"، وتحريم السماح للأطفال بمشاهدتها؛ الأمر الذي ردت عليه القناة ببيان تضمن تجاوزًا وإساءة أدب من القناة بحق الشيخ العريفي.

رابط صفحة المقاطعة: http://www.boycott-mbc.com/

خطة تصعيدية جديدة من الثورة المضادة


مجتهد أبو ظبى عبر تويتر|
#سري خطةتصعيدية جديدةلإستغلال الشباب المستقل والداعين لمليونية 25 يناير مناهضة لمرسي و #البحرين دخلت على خط مواجهة #مرسي بالدعم المالي #مصر

#سري عصابة(صبري نخنوخ)هي من أقدمت على حرق الخيام أمام الاتحادية وسيُعيدونها مرة أخرى لكن قد تكون هذه المرة فيها دماء وبدعم مالي إماراتي #مصر

#سري ضاحي خلفان وصبري نخنوخ تربطهما علاقةشخصيةكبيرةوالأول دعم الأخير بمبالغ ماليةوصلت إلى(10 مليون$)في أحداث شارع محمد محمود ومسرح البالون.

#سري #الإمارات (محمد بن زايد ) دفعت لهولاند مبلغ(400مليون$) للجيش الفرنسي للقضاء على مسلمي مالي ولا زالت دفعة أولية فقط #عبث #خيانة

#سري عصابة نخنوخ ستعمل خلال الايام القادمةفي #الإسكندرية لإحداث انفلات امني كبير وحوادث سرقة وتهريب ممنوعات قد بدأت خلال الايام الماضية #مصر

#تحليل حادث القطار المأساوي لا يُستبعد أن يكون عمل إجرامي لأغراض دنيئة تتمثل بتأليب السخط الشعبي ضد #مرسي وحكومته ولجعل مرسي رجل ضعيف #مصر

#سري #البحرين تدعم خليةإسقاط #مرسي بمبلغ(150مليون$)بنظر محمد بن زايد و #السعودية تقدم مبلغ(500مليون$)للعمل على إفشال انتخابات مجلس الشعب #مصر

#خسارة عندما يتم دعم الفرنسيين لقتل المسلمين بملايين الدولارت ويتم نسيان مئات الآلاف من الأسر السورية الجائعة التى لا تملك قوت يمومها #عبث

#خسارة عندما نرى الأمهات السوريات تموت إما برداً أو جوعاً أو خوفاً ولا يتم تقديم لهم ولا حتى الفتات ويتم دعم الفرنسيين بالملايين؟ #عبث

#خسارة عندما نرى ألاف المسلمين في #بورما يُذبحون أمام أعيننا ولا يتم تقديم لهم فلس واحد من حكومتنا ويتم دعم الفرنسيين لقتل المسلمين ؟ #عبث

#خسارة عندما يتم استضافة مادونا بأكثر من مليون دولار لإفساد شباب #الإمارات ويتم نسيان أوجاع وجياع المسلمين في #سوريا #الصومال #اليمن #عبث

#خسارة عندما نرى الملايين من الدولارات تُساق للمحافظة على ميزانية فرنسا من الإهتزاز بينما يتم محاربة الشقيق ك #مصر لإسقاط اقتصادها #عبث

#خسارة عندما نرى شيوخ دارنا يتنافسون لإرضاء صهاينة الغرب بالمال ، بينما نراهم يتسابقون لإجهاض المشاريع النهضوية لدول الربيع العربي #عبث

#خسارة عندما نرى الشرفاءسواء كانو أجانب كمصريين أو إماراتيين يُزج بهم في غياهب السجون ونرى بالمقابل الساقطين من أنظمةالربيع يُحتفل بهم #عبث

ألا ليت قومي يعلمون بما أعلم بما يدور خلف أسوار القصور .. ألا ليت قومي يعلمون .. ألا ليت قومي يعلمون .. ألا ليت قومي يعلمون ..

لي بكم لقاء يتجدد قريباً بمشيئة الله لأقف معكم بما يُستجد من جديد النخبة الخليجية ولإسقاط المزيد من أقنعتهم المحسنةامام شعوبهم.في أمان الله

الشورى المعلمة والشورى الملزمة


لا ريب أن هناك تسليماً تاماً بأهمية الشورى ومحوريتها في النظام السياسي الإسلامي، لكن تختلف آراء الفقهاء والمفكرين الإسلاميين حول ما يتبع الرأي الشوري من نتائج أي مدى إعلامية تلك النتائج وإلزاميتها للحاكم أو بمعنى آخر: هل يجوز للحاكم أن يستمع إلى آراء أعضاء مجلس الشورى ثم يرفض ما أجمعوا عليه أو اتفقوا عليه بالأغلبية البسيطة أو العظمى, أم أنه ملزم بقبول ذلك الرأي ولو اختلف مع رأيه الخاص.
والذي أميل إليه وينسجم مع فطرتي, وموازين عقلي, ومحاكمة قلبي, وأعتقد أن الأدلة الشرعية تؤيده هو أن الشورى ملزمة للحاكم, لئن ذلك يمنعه من الاستبداد وفي قصة الشورى خلال غزوة الخندق و عرضه صلى الله عليه وسلم مصالحة غطفان على ثلث المدينة, واعتراض زعماء الأنصار عليه وقبول الرسول صلى الله عليه وسلم الاعتراض تدلنا هذه الحادثة على إلزامية الشورى للحاكم و تضع تقليداً دستورياً هاماً, وهو أن الحاكم ولو كان رسولاً معصوماً يجب عليه ألا يستبد بأمر المسلمين ولا أن يقطع برأي في شأن هام , ولا أن يعقد معاهدة تلزم المسلمين بأي إلتزام دون مشورتهم وأخذ أرائهم, فإن فعل كان للأمة حق إلغاء كل ما استبد به من دونهم, و تمزيق كل معاهدة لم يكن لهم فيها رأي (2). فهذا رأي واضح قاطع في تقرير إلزامية الشورى وممن يقولون بإلزامية الشورى الفقيه المعاصر:
- الدكتور توفيق الشاوي, فبعد حديث له عن ظروف نزول آية ((آل عمران: 159)) علق على قوله تعالى:" وشاورهم في الأمر" قائلا: ومعنى ذلك أن الشورى واجبة و ملزمة, حتى لو كان هناك احتمال في أن يكون رأي الأغلبية خاطئاً أو ضاراً, لأن الضرر الناتج عن خطأ الأغلبية أخف من الضرر الناتج عن ترك الشورى واستبداد الحكام بالرأي دون الإلتزام برأي عامة الناس وجمهورهم, وهو رأي مستمد عن عبر التاريخ الطويل, حيث ترك الأمر للحكام ولم يبرهنوا على أنهم أرشد دائماً وأهدى من عامة الناس.
- وقال الدكتور رحيل محمد غرابيه الأخذ بمبدأ إلزامية الشورى بناء على الحيثيات التالية:
1 - تعارفت الأمم والشعوب على مدار الأزمان بالميل نحو الأكثرية واعتبار الغالبية في معظم الأحوال دليل صواب .. وتواطأ الناس قديماً وحديثاً, مسلمين وغير مسلمين, على إقرار مبدأ رضى الأقلية برأي الأغلبية فيمكن الاستئناس بهذه التجربة العالمية على إقرار هذا المبدأ, من منطلق توجه العقل الإنساني العام بمجمله في هذا الاتجاه.
2 - يقتضي العقل والمنطق أن يكون رأي المجموعة أقوم وأصوب وأقرب إلى الحقيقة من رأي الواحد، مهما عظمت وطالت خبرته.
3 ـ الإمام أو الخليفة هو فرد من الأمة، لا يتميز عن آحادها بشيء سوى أنه أثقل حملاً وأعظم مسؤولية، كما روي هذا عن الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وهذا يقتضي أن يكون اجتهاده مثل اجتهاد غيره من المجتهدين، وإذا كان هذا يصح إطلاقه على عمر والخلفاء الراشدين فهو أكثر صحة وأقوم بالنسبة إلى غيرهم.
4 ـ إن إلزام الأمير ـ الحاكم ـ بإتباع رأي الأغلبية يعتبر ضمانة على عدم الاستبداد بالرأي ومنع التسلط الفردي الذي عانت منه الأمة فترات طويلة.
5 ـ إن الإلتزام برأي الأغلبية أكثر تحقيقاً لمبدأ سلطة الأمة والذي هو محل اتفاق ولا نزاع فيه، وإن تفرد الأمير برأيه، وعدم نزوله على رأي أهل الشورى أنما هو نقض لسلطة الأمة، واعتداء على حقها الممنوح لها شرعاً.
6 ـ إن الالتزام برأي الأغلبية أكثر انسجاماً مع روح الشريعة وأكثر تحقيقاً لمقاصد النصوص التي جاءت تأمر بالشورى وتحض عليها.
7 ـ تقتضي ظروف العصر أن لا يبقى الأمر بالشورى عاماً غائماً، بل لا بد من تحويله إلى مبدأ دستوري وقاعدة تشريعية قابلة للتطبيق الإجرائي الواضح المحدد الحاسم عند الاختلاف.
ولا مناص من أن نقرر أن الالتزام بالشورى العاصم البشري الممكن من خيانة الأمانة وإتباع الهوى وغفوة وازع الإيمان.
* الدكتور أكرم ضياء العمري:
وبعد أن ذكر الدكتور أكرم ضياء العمري آيتي سورة الشورى ((38)) وآل عمران ((159)) استدل على وجوب الشورى بقوله: إن الخبر إذ أريد به الإنشاء الطلبي فهو أقوى من الأمر، وأما الآية الثانية فهي بصيغة الأمر، وليس في القرآن قرينة تصرف الأمر عن الوجوب إلى الندب فلم يبق إلا أن نفتش في السنة ولم أجد - حسب جهدي - في أحداث السيرة النبوية نصاً صحيحاً يدل على صرف الأمر بالشورى عن الوجوب إلى الندب. وقال الدكتور العمري مؤكداً: لم أقف على مايدل على عدم إلزامية الشورى. فهو قد أكد رأيه بأدلة من أصول الفقه عزز بها رأيه في وجوب الشورى وإلزاميتها في الوقت نفسه.
إن موضوع الشورى تحديداً مثار بحث وقراءة في الفكر السياسي الإسلامي منذ أن كان الخلاف بين المسلمين على موضع الإمامة والخلافة ولضبط العلاقة مابين الحاكم والمحكوم في تحصيل المصالح ودرء المفاسد عنهما , وتنظيم طبيعة العلاقة بينهما , كان لابد من وسيلة فعالة أو إجراءات مناسبة لذلك , وهذا لايتحقق إلا بالشورى لأن فيها ضمانة لمقاصد الشريعة في الحكم والسياسة , توفير المزيد من المقاصد الاجتماعية كحرية الرأي والمساواة بين المواطنين , مما يعني ترسيخ مبدأ الحوار وتعميق مضمون التنمية في البلاد ولعل من مرجحات كون الشورى إلزامية أنها حاجزة لحالات التسلط في الحكم والقمع للرأي الآخر , وإذا خول الحاكم في الاعتداد برايه دائماً , كان ذلك وبالاً عليه وعلى الأمة وعلى طريقة الحكم , بل قد يصل به الأمر إلى الدخول في العقائد والتشريعات برأيه وفكره , كما قال فرعون لقومه " مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ " (غافر , آية:29) لذا كانت النتيجة قوله تعالى: " وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى " (طه , آية:79).
بل في الظن الغالب على الرأي، أن لولم تكن من مرجحات القول بلزوم الشورى للحاكم أو الرئيس سوى منع حالات الاستبداد بالرأي وقمع الخصوم لكفى وأقنع، إذ لا قداسة لرأي , سيما في بعض تجارب الحكم في تاريخنا الإسلامي القديم والمعاصر، إذ أن هناك نماذج وتطبيقات يستحيل معها أن نوصي بعدم لزوم نتيجة الشورى للحاكم.
وتزداد أهمية ذلك في نوعية القرار الصادر عن مجلس الشورى، خصوصاً إذا كان متعلقا بمصالح المسلمين العامة، فأمر العامة لايربط برأي الفرد، وإن كان له من الصفات القيادية الشئ الكثير.
ولاعتبار تقني أكثر منه شرعي , فإن علم الشورى علم إداري سياسي قائم في جميع مجلات الحياة، بل ويعتبر الجانب السلوكي في عمل الحاكم أو المسؤول عملية تعليمية، وتدريبية للآخرين، بل هو على حد تعبير أحدهم بالمعلم الكبير.
وهذا يتم من خلال تحفيز المرؤوسين والمحكومين بمعرفة احتياجاتهم ورفع روحهم المعنوية، أو جعل القيادة لهم بالمبادأة والقدوة الحسنة، واختيار الأساليب الفعالة، أو بالاتصال بهم، وإعطاء التوجيهات والتعليمات لآرائهم، على أن شخصية الحاكم أو الرئيس، تلزمه أن يجمع مابين الكفاءة والكاريزما وهي بلا شك ضرورية في تفعيل العمل المؤسسي عند الرعية. فالإسلام ينشئ الأمة ويربيها، ويعدها للقيادة الراشدة ولوكان وجود القيادة الراشدة يمنع الشورى , ويمنع تدريب الأمة عليها تدريباً عملياً واقعياً في أخطر الشؤون، لكان وجود محمد صلى الله عليه وسلم ومعه الوحي من الله سبحانه وتعالى كافيا لحرمان الجماعة المسلمة يومها من حق الشورى ولكن ومع وجود محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الوحي الإلهي، لم يلغ هذا الحق.
هذا النهج الشورى , سيشكل بلا شك موظفين متخصصين في عملهم , يساعدون الحاكم أو - الرئيس - في تقديم الاستشارات والرؤى حول المواضيع المتعلقة بتحقيق مصلحة المجتمع أو الدولة، وهذا مايجعلنا نؤكد على أن الحاكم لا يحكم الناس , بل المهمة قيادة الناس.
من هذا النهج الشورى , سيتحقق في أفراد المجتمع مبدأ إداري مهم , وهو مبدأ إرساء قاعدة التميز بين صفوف النخب السياسية والاجتماعية وهنا يلزم البيان بأن طبيعة المؤسسة الحاكمة في الإسلام أن ترفض الفردية أو المركزية في اتخاذ القرارات , لاسيما السلطة المركزية النابعة من فردية الحاكم أو دعم بطانته لقراراته وكما هو متبع في علم الإدارة فإن هناك مزايا للعمل المؤسسي أو الشوري , من أهمها:
- أن وضع سلطة اتخاذ القرارات سيكون قريباً من القواعد مما يعني سلامة القرارات المتخذة.
- تخفيض أعباء القيادات نظراً لتفويض السلطة وتخلق روابط وثيقة , ويزيد التعاون والتنسيق.
- تساعد على سرعة اتخاذ القرارات , وسهولة تحديد مناطق الضعف , وسرعة علاجها، كما لا يستطيع الشخص الواحد إدارة عمل متميز , أو على أبعد تقدير إحداث تغييرات على مستوى المؤسسة بدون فريق عمل متميز، لأن خلق منظمة مبدعة ، بحاجة إلى عمل جماعي متناسق , أي أن علم الإدارة الحديث في الحكم والقيادة يدعم بضرورة دعم الشورى وآلياتها واعتبارها مصدر قوة للحاكم والمحكوم , لكن مع تأكيدنا على ضرورة احترام قرار الشورى المؤسسي من أهل الحل والعقد، نرى بضرورة احترام رأي الحاكم، أو احترام حقه في الاعتراض على رأي مجلس الشورى، لا سيما إذا كان له وجاهة وإصابة , بحيث يثبت رأيه ويقنع غيره به , ويقرر بالمصلحة العامة.
إن القول بإلزامية الشورى هو ما ندين الله به ونرى ضرورته وجدواه , وبدونه لا يمكن تفعيل الشورى على المستوى الدستوري للأمة , فالدولة الإسلامية دولة مدنية، تؤمن بالمؤسسات، وترى فصل السلطات، وأن تكون مرجعيتها الإسلام فهي ليست دولة أسرار ثيوقراطية مغلقة يديرها رجال الدين , وإنما دولة لشعب يسعى بذمته أدناه من مواطنيه، ولذا لا بد أن يتاح للكل أن يسهم في أمر النصح والشورى وأن يلتزم ولاة الأمور بحكم الأغلبية كشورى ملزمة، فهذا الأمر من الأهمية بمكان, ولا بد من أن يستبين تماما قبل الشروع في أي محاولة جدية لتطبيق الشورى في النظام السياسي الإسلامي.

حكم الشورى

هناك اختلاف بين العلماء والباحثين حول الرأي الفقهي المتعلق بحكم الشورى، هل هي واجبة أم مندوب إليها، وأغلب الظن أن الحكم يتأرجح ما بين الوجوب والندب.

1 ـ من رأى بوجوب الشورى وفرضيتها، وهم جمهور الفقهاء، منهم الحنفية والمالكية، والقول الصحيح من المذهب الشافعي، وينسب هذا القول أيضاً للنّوويّ وابن عطية وابن خويز منداد والرازي، وبعض المعاصرين كأمثال محمد عبده, محمد شلتوت و محمد أبو زهرة وعبد الوهاب خلاف و عبد القادر عودة, نظراً للنصوص الشرعية الواردة في هذا الشأن, وعلي ولي الأمر العمل بالشورى وما يصدر عنها من نتائج ورؤى, ويأثم إذا أعرض عنها, وترك العمل بها, بل يرى ابن عطية 541هـ أن: الشورى من قواعد الإسلام وعزائم الأحكام, من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب و الأدلة على ذلك قوله تعالى: " وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ " (ال عمران, اية: 159) ولأن الأصوليين يقولون أن صيغة الأمر تشير إلى الوجوب مالم تصرفه قرينة, ولا قرينة صارفة عن الوجوب. و ظاهر الأمر يدل على الوجوب, وإنما أمر الله تعالى نبيه بالمشاورة ليقتدي به المسلمون, فلا غنى لولي الأمر على المشاورة, فإن الله تعالى أمر به نبيه صلى الله عليه وسلم.
ومن الأحاديث ما يشير إلى وجوب الشورى في حياة المسلمين, ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه, أنه قال: ما رأيت أحداً أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يقول: أشيروا علىَّ معشر المسلمين (5) , والشورى في الإسلام نص قاطع لا يدع للأمة المسلمة شكاً في أن الشورى مبدأ أساسي, لا يقوم نظام الإسلام على أساس سواه.

إن الشورى من لوازم الإيمان, حيث جعلها صفة من الصفات اللاصقة بالمؤمنين المميزة لهم عن غيرهم, فلا يكمل إيمان المسلمين إلا بوجود صفة الشورى فيهم, ولا يجوز لجماعة مسلمة أن تقيم أو ترضى إقامة أمرها على غير الشورى, و إلا كانت آثمة مضيعة لأمر الله (1).
2ـ من رأى الندب في الشورى؟ وينسب هذا القول لقتادة وابن إسحاق والشّافعي والرّبيع وابن حزم وابن القيم, ورجحه ابن حجر, وقد ورد هذا ضمن كلام بعض السلف وقياساً على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تجب عليه الشورى أو المشاورة وبالتالي يقاس عليه وضع الخليفة المسلم, إذ لا تجب عليه المشاورة, لأن السلطات الدينية والسياسية من صلاحياته له أن يتولاها بنفسه أو أن يفوض فيها البعض باختياره, من دون إلزام أو فرض عليه.
3 - الراجح:
أن الشورى واجبة بالنظر إلى طبيعة الحكم في الإسلام, وأن قواعد السياسة الشرعية تستلزم عدم الانفراد بالرأي, لاسيما في أمور المسلمين العامة, أما ربط مقام الخليفة بمقام النبي صَلىَّ الله عليه وسلم, فالظاهر أنه ربط في غير موضعه, إذ أن مقام الرسول صلىّ الله عليه وسلم أوجه وأحكم من مقام الخليفة, فالرسول كان يجمع أكثر من وظيفة دينية ودنيوية في آن واحد, وليس من العجيب أن يكون الرسول: صلى الله عليه وسلم في بعض المواضيع مستغنيا عن آراء الناس وأحكامهم نظراً لقوة المصدر الذي يعود إليه, وهو الوحي, وفي مسائل الدنيا, كان من عادته صلى الله عليه وسلم التشاور مع أصحابه, وهذا واضح بلا منازع أما الخليفة - والحاكم - فهو غالباً ما يشكل رمزاً لهذه الأمة, وسلطاته تعود بالأساس إلى الأمة بعمومها, وسلطانها العام , - والحاكم- يستمد سلطانه من الأمة لا من ذاته ولعل المصلحة الشرعية التي تعود بالشورى والمشاورة أكثر من تلك التي تؤخذ من الانفراد والتحكم بالرأي, ولاغنى لولي الأمر عن المشاورة, فإن الله أمر بها نبيه صلىّ الله عليه وسلَّم, فقال تعالى .. "وشاورهم في الأمر" وقد قيل: إن أمر بها نبيه لتأليف قلوب أصحابه, وليقتدي به من بعده وليستخرج بها منهم الرأي فيما ينزل فيه وحي من أمر الحروب, والأمور الجزئية, وغير ذلك, فغير صلى الله عليه وسلم ((أولى بالمشورة)) (1)
فإذا كانت الشورى في حق رسول ((صلَّى الله عليه وسلم)) المعصوم الذي يوحى إليه, فهو شأن سائر أئمة المسلمين من باب أولى (2).
ثم إن الشورى واجبة بناء على قواعد ودلالات الألفاظ في علم أصول الفقه, ففي قول الله تعالى: "وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ " (آل عمران, أية: 195) , لفظة ((وشاورهم)) تشير إلى الوجوب، لأن حقيقة الأمر عند الاصوليين تنصرف إلى الوجوب ما لم تصرفها قرينة (3).
وليس في القرآن أو السنة ما يشير خلاف ذلك, فمن الدلالات القرآنية إلى الأحاديث النبوية ما يشير إلى الوجوب والعمل بها ومنها ما يشير إلى الندب والمدح للعاملين بها, وهذه الأخيرة لا تخالف الأولى في الحكم , بل تعززها وبالتالي الذي نذهب إليه أن الشورى كحكم شرعي واجبة لاسيما وأنها كنظام إنساني أو آلية حكم واجبة بوجوب موضوعها ابتداءً وإنتهاءً.


فوائد الشورى


إن التعريف الاصطلاحي للشورى: رجوع الحاكم أو القاضي أو آحاد المكلفين في أمر لم يُستَبن حكمه بنص قرآني أو سنة أو ثبوت إجماع إلى من يُرجى منهم معرفته بالدلائل الاجتهادية من العلماء المجتهدين ومن قد ينضم إليهم في ذلك من أولي الدراية والاختصاص.
وهكذا فإن الشورى في الاصطلاح الذي يقضي به الإسلام يمكن أن تتسع لتُعبِّر عن: استخلاص الرأي الجامع من خلال الحوار الجامع, وهذا هو مطلوب الشورى, فإن لم يكن رأي جامع فرأي راجح لدى استصدار القرار, مما ينعقد عليه العمل الجامع لدى التطبيق والتنفيذ.
ومن فوائد الأخذ بالشورى أمور كثيرة منها:
1 - إصابة الحق في الغالب, فإن الآراء إذا عرضت بحرية تامة وأدلى كلٌّ بحجته, وكانت النية صحيحة والهدف هو الوصول إلى الحق, وقدمت المصلحة العامة, وتجرد المتشاورون عن الأهواء والدوافع السيئة مع التوكل على الله تعالى فلا أشك أن النتائج تكون سليمة والعواقب حميدة والتسديد والتوفيق يتنزل من الله تعالى, وهذا واضح فيما وقع في عهد الصحابة رضوان الله عليهم.
2 - أن العمل بالشورى قربة وطاعة لله عز وجل, ففيه اجتماع الرأي في تحصيل الخير, وتهذيب رأي صاحب الأمر مع الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى, ومما ورد في شأن ذلك ما قاله: بشار بن برد:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن
بحزم نصيح أو نصيحة حازم
3 ـ من أعظم فوائد الشورى تلاقح الأفكار, وتكامل الثقة, وتبادل الخبرة والاطلاع على ما عند الآخرين, والاستفادة من الخبرات المتنوعة وبعبارة أخرى حصول التكامل بين أفراد المجتمع.
4 - الشورى تعطي قوة للمجتمع في أكثر من مجال إنساني فعلى سبيل المجال النفسي, فأن الشورى طريق للتخلص من الظواهر المرضية غير الصحية, مثل قلة الإخلاص وضعف الأداء الوظيفي, وإهدار الطاقات المفيدة.
يقول الشعبي: الرجال ثلاثة, فرجل ونصف رجل ولاشيء فأما الرجل التام, فالذي له رأي وهو يستشير, وأما نصف الرجل, فالذي ليس له رأي , وهو يستشير وأما الذي لا شيء، فالذي ليس له رأي، ولا يستشير.
5 - الشورى تشعر المشاركين بالمسؤولية وأنهم مع المسؤول يسعون إلى تحقيق المصالح العامة, ودرء المفاسد في عملية تكاملية.
6 - الشورى تولد الثقة بين الحاكم والمحكوم وتطيب القلوب, وتجعل من رأي الخليفة أو الحاكم رأى جميع المسلمين بعد التشاور.
7 - في الشورى وقاية من الاستبداد وتزود الدولة بالكفاءات والقدرات المتميزة وبها تنحصر عيوب التفرد بالقرار.
8 - تضيق هوة الخلاف بين الراعي ورعيته الخلاف جائز الوقوع, ولكل واحد قناعته, ولكن مع مناقشة الآراء وتداولها وظهور الحق يرجع بعض المخالفين عن رأيه وينصاع إلى الحق, وتتقارب وجهات النظر ويعذر بعضهم بعضاً, ويتعاونون على ما اتفقوا عليه, ويتنازل البعض ويقضي على وساوس الشيطان, وتتآلف القلوب ويتوحد الرأي العام وتضعف حدة الخصوم والمنافسين.
9 - الشورى تفجر الطاقات الكامنة في أفراد الأمة, وتشجع ذوي الخبرات وتفسح المجال لكل من لديه خير للأمة أن يدلي برأيه وهو آمن فإن قبل فذاك, وإن رد فقد أدى ما عليه وأعذر ولا تمس كرامته ولا ينال منه.
ولا غنى لولي الأمر عن المشاورة, فإن الله أمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم وليقتدي به من بعده وليستخرج منهم الرأي فيما لم ينزل فيه وحي من أمر الحرب والأمور الجزئية وغير ذلك, فغيره صلى الله عليه وسلم أولى بالمشاورة.
وينبني على هذه الشورى, طاعة الأمة للحاكم فيما يصدر عنه من القرارات تهم الصالح العام.
والشورى من قواعد الحكم في الإسلام وصفة من صفات المؤمنين سواء الحاكم أو المحكوم فقد وصف الله المؤمنين بقوله: "وأمرهم شورى بينهم" وبهذا ينقص الأيمان عند الراعي لعدم امتثاله "وشاورهم في الأمر" وعند الرعية كذلك, كما في تركها مجافاة للسنة والطريقة التي سار عليها أفضل الخلق والخلفاء الراشدين وأصحابه الميامين والقادة الفاتحين, وكبار المصلحين والعلماء الراسخين والدعاة المخلصين.
10 - مكافحه نزعات التطرف والعنف:
أن محصلة الاجتهاد الجماعي تقود إلى قرارات معتدلة في الغالب, فالتشدد لا يصدر إلا من أفراد ذوي دوافع ومنازع وعقد تحدوهم وتنزع بهم إلى اتخاذ قرارات متطرفة أو متعسفة أو مفارقة لخطة الحكمة والحسنى, ولكن تبادل الآراء الصادرة من أفراد كثر وأصحاب دوافع متباينة يتجه بالقرار إلى الاعتدال والواقعية في إطار ((فن الممكن والمفيد)) هذا إذا لم يصل بالناس إلى غاية المراد, كما تفسح الشورى مجالا خصبا لمناقشة آراء أهل التطرف والعنف الذيين يتصورون دائماً أن آراءهم هي الآراء النهاية في الموضوع, أي موضوع, ويعزفون بطبعهم عن التعرف على آراء الآخرين, ولكن بجرِّ هؤلاء إلى مجالات الشورى ومشاركة الآخرين لهم في الرأي تتضح لهم القيمة المرجوحة لأفكارهم التي يقدسونها، ولذلك فإن الشورى هي أجدى علاج لحماقات التطرف وشططه فيجب إعطاء ((الكل)) متنفساً لإبداء الفكر والرأي, حتى يختفي التشنج والشعور بالحرمان والكبت والاضطهاد ولذا يحسن البحث عن هذه الطائفة من الناس على الدوام وإعطاؤها حق القول مهما كان معيباً, فإخراج آرائهم إلى الضوء هو المقدمة الأولى لدحضها وهزيمتها, فإنها لا تعيش ولا تنتعش إلا في سراديب الظلام.
11 - تسديد النظر إلى المشكلة من زوايا متباينة:
إن إخضاع أي مشكلة للتداول الشوري الحر يمكّن أهل الشورى من رؤيتها من زوايا واتجاهات متباينة متقاطعة, وبذلك تنضاف الرؤى الجزئية بعضها إلى بعض, وتتضامُّ وتتكامل قدر الإمكان, وتتشكل في كُلِّ مرئي للجميع ثم تتنسق وتتوحد محاولات التحليل والتشخيص والإسهامات في اقتراح الحلول ولا يتاح ذلك إلا للجماعة المتوحدة لأن العقل الواحد مهما كان كبيراً نافذاً لا يستطيع أن يُلمَّ بجميع المعلومات المتعلقة بكل المشاكل التي يتعرض لها, ويفهمها, ويحللها ويشخصها, ويقترح الحلول المجدية في شأنها.
ولعل هذا ما عبر عنه بلغة مختلفة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب, رضي الله عنه, إذا قال: الرأي كالخيط السحيل, والرأيان كالخيطين المبرمين والثلاثة مرار ولا يكاد ينتقض.
وأورد الأمام الماوردي في هذا المعنى قوله: لم يزل أهل العقول يفزعون إلى الشورى في كل مايقع بينهم, ويمدحون فاعله, ويذمون المستبد برايه, والمرتكب لأهوائه, وقد قال فيه أحد الشعراء:
خليلي ليس الرأي في صدر واحدٍ ... أشيرا عليَّ اليوم ما تريان
وقال ابن قتيبة: وقرأت في كتاب للهند أن ملكاً استشار وزراء ً له, فقال أحدهم: الملك الحازم يزداد برأي الوزراء الحزمة كما يزداد البحر بموارده من الأنهار, وينال بالحزم والرأي مالا يناله بالقوة والجنود, والمستشير وإن كان أفضل رأيا من المشير, فإنه يزداد برأيه رأيا كما تزداد النار بالسليط ضوءاً .
12 - تكامل المعرفة النظرية والعملية:
في أحيان كثيرة يأتي امتياز الرأي من تماسِّه بالواقع المعاش، ويتفوق بتلك الميزة على الرأي النظري، وإن كان هذا الأخير صحيحاً في إطاره النظري، وحين يكتمل هذان الجانبان الركينان للعلم: الجانب النظري والجانب العملي، أو جانب فقه الأوراق وفقه الواقع، يأتي القرار أصوب ما يكون، وهنالك من أخبار الشورى في تاريخ الحضارة الإسلامية الكثيرة مما يكشف عن أن تكامل هذين الجانبين كان من أهم عوامل اتخاذ القرار الصحيح منها ـ على سبيل المثال ـ ما يرويه القلقشندي عن واقعة غزو المسلمين لصقلية فيقول: ان أحد أمرائها التجأ إلى دولة الأغالبة بتونس، وطلب منهم العون لرفع الحيف الذي لحق به من أمراء آخرين ببلاده، وجمع أمير بني الأغلب المسمى زيادة الله مجلس شوراه من فقهاء القيروان وقضاتها وأعيانها وبحثوا الأمر ملياً، ومال بعض أهل الفقه بمن فيهم الإمام سحنون إلى عدم مهاجمة صقلية لبعدها ولأن بينها وبين المسلمين هدنة وعهداً، بينما مال آخرون من أهل القضاء وفيهم القاضي أسد بن الفرات لاستقصاء الواقع، كما هو شأن القضاة دائماً، فأمر باستدعاء بعض رسل الصقليين واستنطقهم إن كان لدى حكومة صقلية أسرى من المسلمين فأقروا بذلك، فاتخذت تلك حجة على الصقليين لأن شروط الهدنة نصت على أن تمكن حكومة صقلية أسرى المسلمين من الرجوع إلى بلادهم إن أرادوا، فاتخذ حينها قرار الغزو.
فهذا يدل على الشورى هي التي مهدت إلى القرار الأصوب بجمعها بين الفقهين النظري والعملي على صعيد واحد، وهذا مجرد مثال من أمثلة كثيرة لتفعيل الشورى في فقه الرأي وفقه الواقع معاً في تاريخ حضارتنا الإسلامية التليدة.
13 - تجاوز الخطوب التي تشل التفكير الفردي:
وتتجلى فضائل الشورى في وقت الخطوب والكروب التي تلحق بالأمم، وتكاد تعصف بها عصفاً فيقف الناس منها ثلاث مواقف متباينة، فمن الناس من يهزمهم الخوف ويشل قدراتهم على التفكير والتحليل واتخاذ القرار، إي قرار، ومنهم من يثير الخوف مشاعرهم باتجاه التحدي وإثبات الذات والاندفاع الأهوج في المواجهة، فيميلون إلى اتخاذ الحلول القصوى في ذلك الاتجاه، ومنهم من يدعوهم الخوف إلى التراجع والتهادن وربما الاستسلام فيقبلون بالدنية من دينهم ودنياهم معاً.
فهذه أصناف ثلاث من المواقف تجلب خلل الرأي وتقود إلى أسوأ العواقب، ولكن اجتماع الناس بمختلف توجهاتهم على صعيد واحد في أوقات المحن والدواهي يؤدي إلى تعادل المواقف والوصول إلى الرأي الأصوب قدر الإمكان.
هذه من أهم فوائد الشورى التي ذكرها العلماء.

فرنسا تعربد في أفريقيا/ محمد هشام راغب


على مرأى ومسمع من "المجتمع الدولي" ، أرسلت فرنسا طائراتها العسكرية من قاعدة عسكرية في تشاد (المسلمة) إلى مالي للتصدي للمتمردين المسلمين في شمال مالي. القوات الفرنسية تدعمها ناقلات جنود بريطانية. هذه القوات تعمل بدون أي تفويض من الأمم المتحدة، وقد صرح الرئيس الفرنسي أنه أرسل  قواته لتساعد القوات الأفريقية (التي لم يتم إرسالها إلى مالي بعد !).

منذ أسبوعين فقط استغاث رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فرنسوا بوزيزي بفرنسا والولايات المتحدة لمساعدة نظامه على دحر قوات المتمردين الذين تقدموا نحو العاصمة بانجي. وقال بوزيزي أمام حشد بالميدان الرئيسي في بانجي: "نطلب من أبناء عمومتنا الفرنسيين والولايات المتحدة باعتبارهما قوتين كبيرتين أن يساعدونا على دحر المتمردين إلى مواقعهم الأولى بطريقة تسمح بإجراء محادثات في ليبرفيل (عاصمة الجابون) لحل هذه الأزمة"... لكن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رد على استغاثته قائلا "لن يتم استخدام الجنود الفرنسيين المتمركزين في البلاد للدفاع عن حكومة بوزيزي. إننا لسنا هناك لحماية نظام بل لحماية مواطنينا ومصالحنا فقط وليس للتدخل بأي شكل من الأشكال في الشؤون الداخلية لأي بلد ولا أفريقيا الوسطى تحديدا، هذه سياستنا الثابتة بعدم التدخل في الشئون الداخلية لأي بلد".

هل سمعتم ببلد يحمي مصالحة في بلد آخر بالقوة العسكرية؟ .. هكذا قال الرئيس الفرنسي ببجاحة غريبة، وبإهانة صريحة لأدنى احترام للقانون الدولي. وما الفرق بين مالي وأفريقيا الوسطى، وكلاهما تهدد حكومته حركة تمرد مسلحة؟ .. طبعا ليس دفاعا عن الشرعية والديمقراطية لأن حكومة مالي أتت بانقلاب عسكري على حكومة منتخبة. لا شك أن الفرق بين الدولتين أن المتمردين مسلمين في الأولى مما يوجب التدخل السريع.

إن النفاق الذي تمارسه الحكومة الفرنسية يثبت أن تظاهر هولاند بالندم على ما اقترفته بلاده في الجزائر، كان مجرد شو إعلامي لتمرير اتفاقات اقتصادية مع الجزائر تسمح بضمان تدفق الغاز الجزائري بشروط مجاملة لفرنسا. 
فرنسا الاستعمارية ما زالت تعربد في أفريقيا وبتأييد غربي كامل.

نقلا عن الوسط

ابدأ بنفسك/ عمرو الليثي


آن الأوان أن يتجه الجميع للبناء والابتعاد عن حالة الاستقطاب التى سيطرت على الجميع خلال الفترة الماضية، وأن نعود إلى فكرة الوطن المستقر.. يجب إنهاء حالة مخالفة القانون التى أصبحت سمة الشارع المصرى.. والبناء ليس كلاماً نتشدق به أو نغنيه، وإنما هو إرادة حقيقية للنمو والتقدم إلى الأمام.
وحتى أكون واضحاً فى أفكارى التى أطرحها فإن هناك دورين مطلوبين.. دوراً مطلوباً من الدولة وهو تحديد معالم المستقبل للمواطن حتى يقف على الحقيقة بكل حلوها ومرها لكى يكون لديه أمل واحد.. ودوراً مطلوباً من المواطن الذى صبر وتحمل سنوات طويلة من الحرمان والفقر، أن يصبر قليلا على أمل أن غداً أفضل إن شاء الله.
وهنا يجب أن يأتى دور التنمية البشرية فى حياتنا.. أن يكون المجتمع والمواطن يسيران فى اتجاه تنمية المجتمع وأن يساعد الغنى الفقير ويأخذ بيده.
إن التنمية البشرية هى الحل السحرى لإيجاد حلول لمشاكلنا العالقة.. هذا دور مؤسسات المجتمع المدنى والمتطوعين فى العمل الخيرى والتنمية البشرية، ليس فقط أن يعطى الغنى الفقير قوت يومه..
ولكن توفير فرص عمل لغير القادرين تتمثل فى توفير كشك لبيع المستلزمات أو توفير رأس ماشية للفلاحة فى الريف، وكذلك يعلم غير القادرين من أطفالنا الذين تضطرهم الظروف أن يتركوا دراستهم للعمل فى الورش من أجل الإنفاق على ذويهم. وأيضا من إطار التنمية البشرية دعم المشروعات الصغيرة للشباب المتخرج حديثا..
وكذلك عمل القوافل إلى صعيد مصر والقرى الأكثر فقراً فى تلك الأيام التى نستقبل بها فصل الشتاء القارس البرودة وإمداد تلك القوافل بالبطاطين والمواد الغذائية والأدوية.
إن مجالات عمل الخير كثيرة ومتشعبة المهم أن تخلص النوايا، وليس شرطاً أن تكون عضوا فى جمعية أهلية لفعل الخير، ولكن ابدأ بنفسك. وقد لاحظت خلال الفترة الماضية قيام مجموعة من طلبة كلية الطب جامعة القاهرة بعمل مشروع فى إحدى العشوائيات بالمنيل وقاموا بإصلاح منازلها وفقا لقدراتهم الشخصية، وهذه محاولة تستحق أن نشيد بها ونشجع القائمين عليها.
فإذا قام كل شاب متعلم بزيارة أسرة غير متعلمة وعلمهم القراءة والكتابة فإنه سيكون ساهم بشكل كبير فى علاج قضية الأمية وأصبح فاعلا فى المجتمع. إن مجالات التنمية البشرية كثيرة ومتعددة، يبقى كما قلت أن تخلص النوايا، فمصر لن تتغير إلا بأبنائها.. لا تتغير بالشعارات لكن بالإرادة الحقيقية للتغيير.

نقلا عن الخميس

إجراءات عاجلة لاسترداد الأموال المهربة وتسليم غالي، تعاون أمني في جرائم غسل الأموال والتهريب بين مصر وبريطانيا

بحث أمس المستشار طلعت عبدالله ابراهيم النائب العام مع وفد قضائي بريطاني علي رأسه وزير الدولة للشئون الداخلية جيرمي براون.. سبل استرداد الاموال المهربة والمجمدة ببنوك بريطانية، والمتحصلة من جرائم فساد رموز النظام السابق.. وتسلم المتهم يوسف بطرس غالي وعدد من الهاربين المقيمين ببريطانيا.. وأكد اللقاء علي ضرورة تحقيق نتائج ملموسة والبدء فورا في اعادة الاموال  المنهوبة.. واتخاذ اجراءات جادة نحو تسليم المتهمين الهاربين. كما أكد علي اتخاذ خطوات عاجلة لاسترداد الاموال المهربة وتسليم الوزير الهارب.
كما تناول اللقاء بحث موقف طلبات المساعدة القضائية المرسلة من السلطات المصرية. والعوائق التي تقف امام تنفيذ طلبات الانابة القضائية وفقا لرؤية الجانب البريطاني.
وتم بحث المستجدات التي طرأت علي ملف استرداد الاموال المنهوبة وارسال احد الخبراء القانونيين البريطانيين للعمل علي حل المشاكل الاجرائية والقانونية التي تعوق عودة هذه الاموال.. وتشكيل فريق عمل مصري للاسراع بالاجراءات المتبعة في استرداد الاموال.
كما استعرض اللقاء طلب تسليم المتهم يوسف بطرس غالي. وادراج اسمه علي النشرة الدولية الحمراء للانتربول، وارسال طلب التسليم للسلطات المختصة متضمنا الاحكام القضائية الجنائية الصادرة ضده واكد الوفد البريطاني انهم يدرسون الطلب في ضوء امكانية الموافقة عليه وفقا للاجراءات القانوية.. واتفق الجانبان علي ضرورة التعاون القضائي الدولي في القضايا العالقة للوصول الي حلول عاجلة لها.. كما استقبل امس اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية الوفد البريطاني.. وبحث مع الوزير جيرمي براون سبل التعاون الأمني وتبادل المعلومات وتعزيز جهود مواجهة الجريمة المنظمة.. كما استعرض الجانبان ملف استرداد الاصول المصرية المهربة الي بريطانيا.
واكد الوزير البريطاني علي استعداد بلاده لتوسيع قاعدة التعاون الامني في مجال تبادل المعلومات وجرائم غسل الاموال والتهريب.

نقلا عن الأخبار

الثلاثاء، 15 يناير 2013

دولا عساكر مصريين/ وائل قنديل


هؤلاء الشهداء الذين لقوا حتفهم وسقطوا شهداء أمام جحافل الإهمال وانعدام الكفاءة وغياب الإحساس بالمسئولية ليسوا ملكا لأحد، وبالتالى التجار والسماسرة والمستثمرون فى الدم يمتنعون.. لا عزاء هنا للنائحات المستأجرات، العزاء للشعب المصرى كله، دون تفرقة أو تمييز أو استغلال لكارثة القطار.

«دولا عساكر مصريين»، «دولا ولاد الفلاحين» لمن لا يعرف أو يدرك أو يفهم، فقدناهم كما فقدنا قبلهم، وسنفقد بعدهم مادامت الكفاءة ليست شرطا، والجدارة الأخلاقية والإنسانية ليست واجبا فيمن يتولى منصبا تنفيذيا، ومادامت قيم مثل الشفافية والعدالة، وقواعد مثل المحاسبة والعقاب غائبة ومغيبة عن الجهاز الإدارى للدولة.

ومن هنا تأتى الدهشة من الإفراط فى تحميل رئيس الجمهورية شخصيا المسئولية الكاملة عن الحادث وكأنه هو الذى كان يقود القطار، وأيضا العجب من هذه الحساسية المفرطة من قبل مؤيدى الرئيس لانتقاده بعنف باعتباره يتحمل جزءا من المسئولية السياسية عن الكارثة، لأنه مسئول عن ترك المصريين بين يدى حكومة عاجزة وفاشلة ومهملة وبليدة لا تتعلم درسا أعيد على مسامعها ثلاث مرات فى أقل من ثلاثة أشهر، بدأت بحادث قطار الفيوم، ثم مصيبة قطار أسيوط، والآن كارثة البدرشين.

لقد صفعنا قطار البدرشين فى اللحظة التى كنا نفتح فيها أفواهنا وتجحظ أعيننا عجبا ودهشة من قرار إحالة عامل مزلقان وملاحظ البلوك فى كارثة قطار أسيوط التى أودت بحياة ٥١ طفلا للمحاكمة، وحدهما فقط «عامل المزلقان وملاحظ البلوك» يدفعان ثمن أخطاء وخطايا جرائم ممتدة بطول عقود من السنين شارك فيها وزراء ومسئولون تنفيذيون كبار، وأسهموا فى تردى كفاءة مرفق السكك الحديدية إلى هذا الحضيض المخجل.

وحين وقعت فاجعة قطار أسيوط كتبت فى هذا المكان مذكرا رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى بموقفه الصارم من مثل هذه النكبات حين كان نائبا برلمانيا قبل سبع سنوات عندما وقع حادث قطار الصعيد «من حق المصريين أن يقارنوا بين محمد مرسى 2005، والرئيس مرسى فى 2012، فقبل سبع سنوات عندما كان الدكتور مرسى نائبا برلمانيا ووقعت مأساة قطار الصعيد طالب بمحاسبة سياسية وجنائية لوزير النقل ورئيس الوزراء فى ذلك الوقت، بينما فى 2012 جرت التضحية بوزير النقل بقبول استقالته، دون أن يتطرق أحد إلى مسئولية رئيس الحكومة سياسيا».

وللتذكرة أيضا كتبت إن وزير النقل رشاد المتينى أعلن بعد مأساة قطار الفيوم فى الأسبوع السابق لمذبحة قطار أسيوط فى مداخلة تليفزيونية على قناة التحرير أنه يعمل بلا مساعدين ويحمل المسئولية وحده، وعليه وباعترافه فإن المسئولية السياسية والجنائية عن حادث أسيوط المروع تبقى معلقة فى رقبته، لذا فإن الاستقالة أو حتى الإقالة لا تكفى، إذ لا يمكن تصور أن يقع حادثان داميان فى أسبوع واحد، وهى سابقة لم تحدث مع أى وزير للنقل والمواصلات، ودلالتها المخيفة أن أحدا لم يعتبر أو يستوعب، أو بالأحرى لم يهتم بدرس قطارى الفيوم.. ومن هنا لابد من محاكمة للوزير المسئول، ومحاسبة لرئيس الحكومة».

كان ذلك يوم ١٨ نوفمبر الماضى وبالطبع لم يتعرض وزير النقل السابق لمساءلة أو محاسبة، وكأن الاستقالة أو الإقالة عقاب يكفى، ويعفى صاحبها من المسئولية، وهانحن بعد أقل من شهرين نصبح على شر جديد وكارثة أخرى، ستقيد بالطبع ضد سائق أو عامل صيانة، بينما الوزراء والقيادات العليا لا يخطئون أبدا.
نقلا عن جريدة الشروق

كيف تنفخ بالونة؟/ محمد موافي


قبل النفخ يجب أن تعلم أن البالون فارغ أجوف, و أنه لو تركته في العراء, فيصيبه الترهل, ولو لصقته ببالونات أخرى, فسترتفع, حتى يحسبها "أطفال ثقافة الفيس بوك"شيئًا, وما هي بشيء... مجرد هواء و فاسد و يحمل رائحة  ما تخفي الصدور.
      كيف –طال عمرك- تصير بالونة... القاعدة الأولى: تعمل خدك مداسًا لرئيس تحرير نافذ, ومسيطر على بعض الفضائيات.. خذ بالك: الفضائيات بمصر مقسمة بين رؤساء تحرير أقل من أصابع القدم الواحدة... وتظل مرافقًا له ومسبحًا بجمال كتاباته.. وتكون حربًا على أعدائه, سِلمًا للخدامين من أوليائه...
القاعدة الثانية: تكتب مقالًا مادحًا الإعلامي الكبير... فتبتسم لك الشاشات, ويقولون معنا السيناريست ابن خالتي فرنسا, وبعد الفاصل توصيهم بتغيير اللقب لـ"الكاتب الساخر", فيتصدقون هم بـ: "الكاتب الكبير"
القاعدة الثالثة: تلتقط من الإنترنت أسماء لكبار الكتاب, ومعها عناوين لكتب مجهولة.. ثم تقول إنك قرأت ذلك في كتاب نادر, و يا سلام لو زدت في النطاعة, و ذكرت مرجعًا فارسيًا و عصرته كابن خالتي فرنسا.
القاعدة الرابعة: تنظر إلى الرموز التي تحبها الناس,ثم تشن سلسلة مقالات ساخرة من فصيلة القباحة و الدم الثقيل... فتشتم محمد حسان أو القرضاوي, ويا سلام لو التقطت السفاهات, وتغزلت في إبداعات قضاء حاجة فرج فودة.
القاعدة الخامسة: طبعًا يجب أن تؤكد على الدوام أنك ناصري قومجي.. ولا مانع من طلب وساطة "واحد خمنا"حتى يأتيك شيك من دمشق, ثم تفاجأ بدعوة لزيارة طهران.. فتأتي رافعًا شعار الإسلام الثوري, مقابل الإسلام  النفطي..
لو هناك مساحة بالمقال, فعندي قواعد كثيرة, تليق بأشباه القواعد من النساء, ففي مصر التي "خيبتها نخبتها" أصبحنا بزمن " البالونة"... كل كاتب منفوخ  لصق ثقبه, حتى لا ينفثأ, يدبج مقالًا طويلًا, وهو مجرد قص و لزق على قفا المندهشين الضائعين...
و مع أننا في عصر البالونات, فلابد من يوم معلوم, تنفثأ فيه البالونة, و يظهر ثقبها, فتظل تصرخ في الهواء, مزغردة  في حلقات مفرغة, ثم تسقط مفضوحًا أمرها, ومداسا عليها بالأقدام..
فيا كل من يرفض أن يكون "بالونة", و لا يُذاع له سرُ: الرجل الحقيقي ,غير قابل للنفخ,  فالحمد لله وكفى بحمد الله علوًا, لو يعلمون.

مجالس متخصصة

كان مجلسه ندوة كبيرة يجتمع إليها العلماء والفقهاء للبحث والنظر, ولم تكن المناظرات التي شهدتها مجالسه تزجية للوقت, وتخريجاً نظرياً للفروع على الأصول, ونزفاً فكرياً, إنما كانت نشاطا جاداً من أجل مجابهة المشاكل والتجارب المتجددة المتغيرة, بالحلول المستمدة من شريعة الإسلام وفقهها الواسع الكبير, مادام الرجل يسعى إلى إعادة صياغة الحياة في ميادينها كافة, وعلى مدى مساحاتها بما ينسجم وعقيدة الإسلام و رؤياه لموقع الإنسان في العالم ومن ثم فإن ندوات كهذه أشبه بمجالس أو ((لجان برلمانية)) متخصصة تجتمع بين الحين والحين لحلّ مشكلة ما, أو استعداد تشريع, أو إقرار قانون, ونحن نذكر هنا ذلك الاجتماع الموسّع الذي مرّ ذكره مع حشد من العلماء الذين اختيروا لكي يمثلوا المذاهب الفقهية كافة من أجل النظر في عدد من قضايا الوقت والمصالح العامة، وقد شبه ابن الأثير مجلسه بمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم: مجلس حلم وحياء, لاتؤبن فيه الحرم ولايذكر فيه إلا العلم والدين وأحوال الصالحين, والمشورة في أمر الجهاد وقصد بلاد العدو ولا يتعدى هذا.

وقد بين ابن الأثير رواية أخرى تحدث فيها عن قيام نور الدين باستحضار عدد من الفقهاء واستفتائهم في أخذ ما يحلّ لهم من الغنيمة, ومن الأموال المرصده لمصالح المسلمين, فأخذ ما أفتوه بحلّه ولم يتعدّه إلى غيره البتة فما يصدر عن ممثلي الشريعة الغراء يتوجب أن يكون ملزماً لكل إنسان سواء كان في القمة أم في القاعدة, وقولهم هو قول الفصل, لأن نور الدين - ما كان يريد أن يمارس الاستشارات القانونية المزدوجة يبرز للناس أنه لايقدم على عمل إلا بعد الاطلاع على رأي قادة فكرهم ومشرّعي قوانينهم, ويسعى في الخفاء إلى تنفيذ ما كان قد اعتزمه مسبقاً, مهما كانت درجة تناقضه مع طروحات اللجان الاستشارية والتشريعية والبرلمانية التي ستكون بمثابة الرداء الخارجي الذي يحمي في داخله مضامين وممارسات لا تمتد إلى لون الرداء ونسيجه في شئ, وكان يكاتب العلماء للاستشارة, فقد ذكر ابن الجوزي أن نور الدين كاتبه مراراً, وكان نور الدين يسأل العلماء والفقهاء عما يُشكل عليه من الأمور الغامضة وكان يقول لمستشاريه من العلماء والفقهاء: بالله انظروا أي شيء علمتموه من أبواب البر والخير دلوّنا عليه, وأشركونا في الثواب, فقال له شرف الدين بن أبي عصرون: والله ما ترك المولى شيئاً من أبواب البر إلا وقد فعله ولم يترك لأحد بعده فعل خير إلا وقد سبقه إليه لقد مارس الملك العادل نور الدين محمود زنكي الشورى على أسس صحيحة في دولته وكانت له مجالس شورية يلتقي فيها القادة العسكريون والإداريون مع العلماء والفقهاء, فكل حاكم يريد لحكمه أن يستمر ولنظام دولته أن يستقر عليه أن يكون حريصاً على الإلمام بحقيقة الأوضاع ببلاده, والشورى خير سبيل لتحقيق هذه الغاية.
ومع تطور أمور الحياة لاغنى لأمه تريد أن تنهض عن مبدأ الشورى, ولا مانع من ضبط ممارسة الشورى وفق نظام أو منشور أو قانون يعرف فيه ولي الأمر حدود ما ينبغي أن يشاور فيه ومتى وكيف؟ وتعرف الأمة حدود ما تستشار فيه ومتى؟ وكيف؟ لأن الشكل الذي تتم به الشورى ليس مصبوباً في قالب حديدي,فأشكال الشورى وأساليب تطبيقها ووسائل تحقيقها وإجراءاتها ليست من قبيل العقائد وليست من القواعد الشرعية المحكمة التي يجب التزامها بصورة واحدة في كل العصور والأزمنة, وإنما هي متروكة للتحري والاجتهاد والبحث والاختيار, أما أصل الشورى فإنه من قبيل المحكم الثابت الذي لا يجوز تجاهله أو إهماله لأن الشورى في جميع الأزمنة مفيدة ومجدية, والدكتاتورية أو حكم الفرد في جميع الأمكنة والأزمنة كريهة ومخربة.

الشورى في القضايا العامة


اهتم الملك العادل نور الدين محمود زنكي بالشورى, فقد رأى أهميتها في حيوية الأمة وأمنها واستقرارها والأهم من ذلك كله أن الله أنزل فيها سورة في القرآن الكريم حملت اسمها, وهو مبدأ أرشد إليه القرآن الكريم, وهو يمثل أرقى أشكال التعاون قال تعالى: " وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وأَمْرُهمُْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ " (الشورى, آية: 38).
كما أمر الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه بشكل لا يقبل التأويل في قوله تعالى " وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " (ال عمران, اية: 159).
قال الشاعر:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... برأي لبيب أو مشورة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة ... فإن الحوافي قوة للقوادم
وكان نور الدين زنكي يرى أن الشورى واجبة على الحاكم في الشريعة الإسلامية, وإلى هذا القول ذهب كثير من العلماء والفقهاء, فلا يحل للحاكم أن يتركها, وأن ينفرد برأيه دون مشورة المسلمين من أهل الشورى, كما لا يحل للأمة الإسلامية أن تسكت على ذلك , وأن تتركه ينفرد بالرأي دونها ويستبد بالأمر دون أن يشركها فيه فالأمة لاتنهض اٍلا اٍذا أخذت بفقه النهوض , والذي منه ممارسة الشورى في نطاقها الواسع , ولقد اعتمدها نور الدين محمود ولم ينفرد باتخاذ القرارات بل تبادل الآراء في كل أمور الدولة , فكان له مجلس فقهاء يتألف من ممثلي سائر المذاهب وأهل الاختصاص في شؤون الحياة يبحث معهم في أمور الادارة والنوازل والميزانية وثمة وثيقة قيمة يثبتها أبو شامة بنصها عن احدى المحاضر التي دونت بصدد عدد من قضايا الوقف والأملاك , كانت قد أدخلت ضمن أوقاف الجامع الأموي بدمشق وسعى نور الدين , الى فصلها واعادتها الى قطاع المنافع العامة وبخاصة مسائل الدفاع والأمن , وقد تمثلت في تلك الوثيقة بوضوح الرغبة الجادة لدى نور الدين الأسلوب الشوري الحر باعتباره الطريق الذي لا طريق غيره للوصول الى الحق, ففي تاسع عشر صفر سنة أربع وخمسين وخمسمائة أحضر نور الدين أعيان دمشق من القضاة ومشايخ العلم والرؤساء , وسألهم عن المضاف الى أوقاف الجامع بدمشق من المصالح ليفصلوها منها , وقال لهم: ليس العمل الا ماتتفقون عليه وتشهدون به , وعلى هذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يجتمعون ويتشاورون في مصالح المسلمين , ولايجوز لأحد منكم أن يعلم من ذلك شيئاَ الا ويذكره ولاينكر شيئاَ مما يقوله غيره الا وينكره , والساكت منكم مصدق للناطق ومصوب له , فشكروه على ما قال ودعوا له , وفصلوا له المصالح من الوقف , فقال نور الدين: ان أهم المصالح سد ثغور المسلمين وبناء السور المحيط بدمشق والفضيل والخندق لصيانة المسلمين وحريمهم وأموالهم ثم سألهم عن فواضل الأوقاف هل يجوز صرفها في عمارة الأسوار وعمل الخندق للمصلحة المتوجهة للمسلمين, فأفتى شرف الدين المالكي بجواز ذلك ومنهم من روّى في مهلة النظر , وقال الشيخ ابن عصرون الشافعي: لا يجوز أن يصرف وقف مسجد الى غيره , ولا وقف معين الى جهة غير تلك الجهة وإذا لم يكن بد من ذلك فليس طريقه إلا أن يقترضه من إليه الأمر من بيت مال المسلمين فيصرفه في المصالح ويكون القضاء واجباَ من بيت المال , فوافقه الأئمة الحاضرون معه على ذلك , ثم سأل ابن ابي عصرون نور الدين: هل أنفق شئ قبل اليوم على سور دمشق وعلى بناء ((بعض)) العمارات المتعلقة بالجامع المعمور بغير إذن مولانا؟ وهل كان إلا مبلغاَ للأمر في عمل ذلك؟ فقال نور الدين لم ينفق ذلك ولاشئ منه إلا بإذني وأنا أمرت به.

الشورى في عهد نور الدين زنكي

تولى حركة المقاومة الإسلامية ضد الصليبيين في عهد الحروب الصليبية بعد عماد الدين عام 541هـ ابنه نور الدين محمود زنكي وقد تميزت شخصيته بمجموعة من الصفات الرفيعة والأخلاق الحميدة التي ساعدته ـ بعد توفيق الله ـ على تحقيق انجازاته العظيمة والتي من أهمها: الجدية والذكاء المتوقد , والشعور بالمسؤولية , وقدرته على مواجهة المشاكل والأحداث , ونزعته للبناء والأعمار , وقوة الشخصية ومحبة المسلمين له , واللياقة البدانية العالية , وتجرده وزهده الكبير , وشجاعته الفائقة , ومفهومة للتوحيد وتضرعه ودعاؤه , ومحبته للجهاد والشهادة , وعبادته وانفاقه وكرمه واتخذ نور الدين محمود زنكي من سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله نموذجاً يقتدي به في دولته , فقد كتب الشيخ العلامة أبو حفص معين الدين عمر بن محمود الاربلي سيرة عمر بن عبد العزيز لكي يستفيد نور الدين منها في ادارة دولته ولقد آتت معالم الاصلاح والتجديد الراشدي في عهد عمر بن عبد العزيز ثمارها في الدولة الزنكية , فقد اقننع نور الدين بأهمية التجارب الاصلاحية فى تقوية واثراء المشروع النهضوي وأهميته في ايجاد وصياغة الرؤية اللازمة في نهوض الأمة وتسلمها القيادة , فللتجارب التاريخية دور كبير في تطوير الدول وتجديد معاني الايمان في الأمة وكانت أهم معالم التجديد والاصلاح التي قام بها نور الدين محمود , الحرص على تطبيق الشريعة ولقد تحققت في دولة نور الدين محمود آثار تحكيم شرع الله , من التمكين والأمن والاستقرار والنصر والفتح المبين والعز والشرف وبركة العيش ورغد الحياة في عهده وانتشار الفضائل وانزواء الرذائل.
وكان نور الدين محمود قدوة في عدله , أسر القلوب وبهر العقول , فقد كانت سياسته تقوم على العدل الشامل بين الناس , وقد نجح في ذلك على صعيد الواقع والتطبيق نجاحاَ منقطع النظير , حتى اقترن اسمه بالعدل وسمي بالملك العادل , وكان من أسباب نصر الله لهذا الملك العادل على الباطنية والصليبيين اقامته للعدل في الرعية وايصال الحقوق الى أهلها , فالعدل في الرعية وانصاف المظلوم يبعث في الأمة العزة والكرامة ويولد جيلاَ محاربا وأمة تحررت ارادتها بدفع الظلم عنها , وقد سجل التاريخ بأن نور الدين محمود ساد العدل في دولته , وتم ايصال حقوق الناس اليهم فنشطوا الى الجهاد والدفاع عن دينهم وعقيدتهم وأوطانهم وأعراضهم ومن أبرز أعماله التجديدية اقامته للعدل , وقد أولى نور الدين المؤسسة القضائية اهتماماَ كبيراَ وجعلها قمة أجهزته الادارية وخول القضاة على اختلاف درجاتهم في سلم المناصب القضائية صلاحيات واسعة , ان لم نقل مطلقة ومنحهم استقلالاَ تاماَ , لكونهم الأداة التنفيذية لاقرار مبادى الحق والعدل , وتحويل قيم الشريعة ومبادائها الى واقع ملتزم , وتوجت جهوده باٍنشاء دار العدل التي كانت بمثابة محكمة عليا لمحاسبة كبار الموظفين , واٍرغامهم على سلوك المحجة البيضاء, أو طردهم واستبدالهم بغيرهم إن اقتضي الأمر ولم يترك نور الدين في بلد من بلاده ضريبة ولامكساً ولاعشراً إلاورفعها جميعها من بلاد الشام والجزيرة وديار مصر وغيرها مما كان تحت حكمه وكانت النتيجة الطبيعية لذلك أن نشط الناس للعمل, فأخرج التجار أموالهم ومضوا يتاجرون, وجاءت الجبايات الشرعية بأضعاف ما كان يجبى من وجوه الحرام, يقول ابن خلدون: العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها واكتسابها لما يرونه حينئذ من أن غايتها ومصيرها انتهابها من أيديهم, وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها, وانقبضت أيديهم عن السعي في ذلك, وعلى قدر الاعتداء ونسبته, يكون انقباض أيديهم عن المكاسب, كسدت أسواق العمران وانتقصت الأحوال, ويقول: العدوان على الناس في أموالهم وحرمهم ودمائهم وأسرارهم وأعراضهم يفضي إلى الخلل والفساد دفعة, وتنتقض الدولة سريعاً.

الشورى في دولة عمر بن عبد العزيز


وقد اهتم عمر بن عبد العزيز بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته, ومن أقواله في الشورى: إن المشورة و المناظرة باب رحمة ومفتاح بركة لا يضل معهما رأي, ولا يفقد معهما حزم, وكان أول قرار اتخذه عمر بعدما ولي أمر المدينة للوليد ابن عبد الملك, يتعلق بتطبيق مبدأ الشورى وجعله أساساً في إمارته, حين دعا من فقهاء المدينة وكبار علمائها, وجعل منهم مجلساً استشارياً دائماً.
فعندما جاء الناس للسلام على الأمير الجديد بالمدينة وصلى دعا عشرة من فقهاء المدينة وهم: عروة بن الزبير, وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة, و أبوبكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام, و أبوبكر بن سليمان بن أبي خيثمة, وسليمان بن يسار, والقاسم بن محمد, وسالم ابن عبد الله بن عمر, و أخوه عبد الله بن عبد الله بن عمر, وعبد الله بن عامر بن ربيعة, وخارجة بن زيد بن ثابت, فدخلوا عليه فجلسوا فحمدا الله وأثنى عليه بما هو أهله, ثم قال: إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه, وتكونون فيه أعواناً على الحق, إني لا أريد أن أقطع أمراُ إلا برايكم أو برأي من حضر منكم, فإن رأيتم أحداً يتعدى, أو بلغكم عن عامل لي ظلامة فاحّرج الله على من بلغه ذلك إلا أبلغني فقد أحدث عمر بن عبد العزيز مجلساً, حدّد صلاحياته بأمرين:
1 - أنهم أصحاب الحق قي تقرير الرأي, وأنه لا يقطع أمراً إلا برأيهم, وبذلك يكون الأمير قد تخلى عن اختصاصاته إلى هذا المجلس, الذي نسميه مجلس العشرة.
2 - انه جعلهم مفتشين على العمل, ورقباء على تصرفاتهم فإذا مااتصل بعلمهم أو بعلم أحدهم أن عاملاً ارتكب ظلامة, فعليهم أن يبلغوه وإلا فقد استعدى الله على كاتم الحق
ونلاحظ كذلك على هذا التدبير قد تضمن أمرين:
1 - أن الأمير عمر بن عبد العزيز لم يخصص تعويضاً لمجلس العشرة لأنهم كانوا من أصحاب العطاء, وبما أنهم فقهاء, فما ندبهم إليه داخل في صلب اختصاصهم
2 - ان عمر افترض - غياب أحدهم عن الحضور لعذر من الاعذار ولهذا لم يشترط في تدبيره حضورهم كلهم, وإنما قال: أوبرأي من حضر منكم.
إن هذا المجلس كان يستشار في جميع الأمور دون استثناء ونستنتج من هذه القصة أهمية العلماء الربانيين وعلو مكانتهم وأنه يجب على صاحب القرار أن يدنيهم ويقربهم منه ويشاورهم في أمور الرعية, كما أنه على العلماء أن يلتفوا حول الصالح من أصحاب القرار من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن للمصالح وتقليل ما يمكن من المفاسد, كما أن عمر بن عبد العزيز لم يختصر في شواره على هؤلاء فحسب, بل كان يستشير غيرهم من علماء المدينة, كسعيد بن المسيب, والزهري وغيرهم وكان لايقضي في قضاء حتى يسأل سعيد, وفي المدينة أظهر عمر بن عبد العزيز إجلاله للعلماء وإكباره لهم.
وقد حدث أن أرسل رحمه الله تعالى رسولا إلى سعيد بن المسيّب فأخذ سعيد نعليه وقام إليه في وقته, فلما رآه عمر قال له: عزمت عليك يا أبا محمد إلا رجعت إلى مجلسك حتى سألك رسولنا عن حاجتنا, فإنا لم نرسله ليدعوك, ولكنه أخطأ أنما أرسلناه ليسألك.
وفي إمارته على المدينة المنورة وسع مسجد رسول الله صلى الله عليه بأمر الوليد بن عبد الملك, حتى جعله مائتي ذراعاً في مائتي ذراع, ذخرفة بأمر الوليد بن عبد الملك مع أنه ـ رحمه الله ـ كان يكره ذخرفة المساجد ويتضح من موقف عمر بن العزيز هنا أنه قد يضطر الوالي للتجاوب مع قرارات ممن هو أعلى منه حتى وإن كان غير مقتنع بها إذا قدر أن المصلحة في ذلك من وجوه أخرى، وفي إمارته على المدينة في سنه 91هـ حج الخليفة الوليد بن عبد الملك فاستقبله عمر بن عبد العزيز أحسن استقبال, وشاهد الوليد بأم عينيه الإصلاحات العظيمة التي حققها عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة.
في خلافته:
كان خطابه عندما تولي الخلافة كالآتي: أيها الناس, إني قد ابتليت بهذا الأمر, من غير رأي كان مني فيه ولا طلبة له ولا مشورة من المسلمين, واني قد خلعت مافي أعناقكم من بيعتي ((فاختاروا لأنفسكم)) فصاح الناس صيحة واحدة, قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك فول أمرنا باليمن والبركة.
وبذلك خرج عمر من مبدا توريث الولاية الذي تبناه معظم خلفاء بني أمية إلى مبدأ الشورى والانتخاب, ولم يكتف عمر باختياره ومبايعة الحاضرين, بل يهمه رأي المسلمين في الأمصار الأخرى ومشورتهم, فقال في خطبته الأولى-عقب توليه الخلافة-: .. وإن من حولكم من الأمصار والمدن إن أطاعوا كما أطعتم, وإن هم أبوا فلست لكم بوالٍ, ثم نزل.
وقد كتب إلي الأمصار الأسلامية فبايعت كلها, وممن كتب لهم يزيد بن المهلب يطلب إليه البيعة بعد أن أوضح له إنه في الخلافة ليس براغب, فدعا يزيد الناس إلى البيعة فبايعوا, وبذلك يتضج أنه لم يكتف بمشورة من حوله بل امتد الأمر إلى جميع أمصار المسلمين ونستنتج من موقف عمر هذا ما يلي:
1 - أن عمر كشف النقاب عن عدم موافقة الأصول الشرعية في تولي معظم الخلفاء الأمويين.
2 - حرص عمر على تطبيق الشورى في أمر يخصه هو, ألا وهو توليه الخلافة.
3 - أن من طبق مبدأ الشورى في أمر مثل تولي الخلافة حري بتطبيقه فيما سواه.
وكان عمر يستشير العلماء, ويطلب نصحهم في كثير من الأمور أمثال سالم بن عبد الله, ومحمد بن كعب القرظي ورجاء بن حيوة وغيرهم, فقال: إني قد ابتليت بهذا الأمر فأشيروا عليّ. كما كان يستشير ذوي العقول الراجحة من الرجال وقد حرص عمر على إصلاح بطانته لما تولى الخلافة, فقرب إلى مجلسه العلماء وأهل الصلاح, وأقصى عنه أهل المصالح الدنيوية والمنافع الخاصة, ولم يكتف رحمه الله بانتفاء بطانته, بل كان زيادة على ذلك يوصيهم ويحثهم على تقويمه , فقال لعمر بن مهاجر: اذا رأيتني قد ملت عن الحق فضع يدك في تلبابي ثم هزني ثم قل: يا عمر ما تصنع؟ , وقد كان لهذا المسلك أثر في تصحيح سياسته التجديدية ونجاحها , حيث كان لبطانته أثر في شد أزره , وسداد رأيه وصواب قراره, فمن أسباب نجاح عمر بن عبد العزيز تقريبه لأهل العلم والصلاح وانشراح صدره لهم ومشاركتهم معه لتحمل المسؤلية فنتج عن ذلك حصول الخير العميم للإسلام والمسلمين.