Translate

السبت، 19 يناير 2013

الشورى في القضاء


القاضي يظل يحكم فى الأموال والدماء والفروج وغيرها من المصالح والتظلمات والنزاعات ويحكم على الافراد والجماعات وربما على الدول والحكومات وإذا كان الفقيه أو المفتي يجتهد لاستنباط الحكم من أدلته فإن القاضي يفعل هذا , ثم يجتهد مرة أخرى في النازلة المعروضة عليه وفي أدلة كل طرف من أطرافها , وحقيقة خفاياها وملابساتها , فهو يجتهد مرتين , ولهذا فحاجته إلى المشاورة في حكمه , هي أشد وآكد من حاجة الفقيه في فتواه وخاصة في القضايا المعقدة والنوازل الكبيرة , فما يروى من الاحاديث والآثار في المشاورة للنوازل التي ليس فيها كتاب ولا سنة , منطبق بالضرورة وبالدرجة الأولى على النوازل التي كانت ترد على الخلفاء وغيرهم من الصحابة للفصل فيها بين المتنازعين وهو ما ينطبق على جميع المنتصبين للحكم والقضاء بين الناس , وعن عمر بن عبد العزيز قال: لاينبغي للقاضي أن يكون قاضيا حتى يكون فيه خمس خصال عفيف، حالم، عالم بما كان قبله , يستشير ذوي الرأي , لا يبالي بملامة الناس, وفي كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عروة: كتبت إلي تسألني عن القضاء بين الناس وإن رأس القضاء اتباع مافي كتاب الله ثم القضاء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بحكم أئمة الهدى , ثم استشارة ذوي العلم والرأي، وإذا كان بعض الفقهاء قد جعلوا المشاورة للقاضي على الندب لا على الوجوب , فهذا يمكن أن يقبل في القضايا البسيطة , الواضحة والمتكررة , أما القضايا المعقدة والملتبسة والجسيمة فلا يصح فيها الا القول بالوجوب وهو قول جمهور الفقهاء.
وهكذا يظهر جليا أن اشتراط صفة المشاورة في القضاة وإلزامهم بها ليس شيئاً عارضاً أو طارئا , أو دخيلاً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق