Translate

السبت، 5 يناير 2013

الشورى في غزوة أحد


2 - الشورى في غزوة أحد:
بعد أن جمع صلى الله عليه وسلم المعلومات الكاملة عن جيش كفّار قريش، جمع أصحابه رضي الله عنهم، وشاورهم في البقاء في المدينة والتحصُّن فيها، أو الخروج لملاقاة المشركين وكان رأي النبي صلى الله عليه وسلم البقاء في المدينة، وقال: إنَّا في جُنَّة حصينة، فإن رأيتهم أن تقيموا، وتَدَعوُهم حيث نزلوا فإن أقاموا، أقاموا بشَّر مُقام، وإن دخلوا علينا، قاتلناهم فيها. وكان رأي عبد الله بن أبيَّ بن سلول مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلا أنّ رجالاً من المسلمين ممَّن فاتتهم بدر قالوا: يا رسول الله؛ أخرج بنا إلى أعدائنا وأبى كثير من الناس إلا الخروج إلى العدوَّ، ولم يتناهو إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيه، ولو رضُو بالذي أمرهم كان ذلك، ولكن غلب القضاء والقدر، وعامّة من أشار عليه بالخروج رجال لم يشهدوا بدراً، قد علموا الذي سبق لأهل بدر من الفضيلة.
ولم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حُبُّ لقاء القوم، حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته، فلبس لامَتَهُ، فتلاوم القوم فقالوا: عرض نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم بأمر وعرضتهم بغيره، فأذهب يا حمزة فقل لنبي صلى الله عليه وسلم: أمرنا لأمرك تَبَعُ، فأتى حمزة، فقال له: يا نبي الله: إن القوم تلاوموا فقالوا: أمرنا لأمرك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّه ليس لنبيَّ إذا لبس لأمته أن يصنعها، حتى يقاتل.
كان رأي من يرى الخروج إلى خارج المدينة مبنيَّاً على أمور منها:
- أنَّ الأنصار قد تعاهدوا في بيعة العقبة الثانية، على نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان أغلبهم يرى: أن المكوث داخل المدينة، تقاعس عن الوفاء بهذا العهد.
- أن الأقلية من المهاجرين، كانت ترى: أنها أحق من الأنصار بالدّفاع عن المدينة، ومهاجمة قريش، وصدَّها عن زروع الأنصار.
- أنّ الذين فاتتهم غزوة بدر كانوا يتحَّرقون شوقاً من أجل ملاقاة الأعداء؛ طمعاً في الحصول على الشهادة في سبيل الله.
- أن الأكثرين كانوا يرون: أنَّ في محاصرة قريش للمدينة، ظفراً يجب ألا تحلم به، كما توقعوا: أنَّ وقت الحصار سيطول أمده، فيصبح المسلمون مهَّددين بقطع المؤن عنهم.
أما رأي من يرى البقاء في المدينة فهو مبني على التخطيط الحربيَّ الآتي:
- إنّ جيش مكة لم يكن موحَّدَ العناصر، وبذلك يستحيل على هذا الجيش البقاء زمناً طويلاً، إذ لابَّد من ظهور الخلاف بينهم، إن عاجلاً أو آجلاً.
- إن مهاجمة المدن المصمَّمة على الدَّفاع عن حياضها، وقلاعها، وبيضتها أمر يعيد المنال، وخصوصاً إذا تشابه السَّلاح عند كِلا الجيشين، وقد كان يوم أحد متشابهاً.
- إن المدافعين إذا كانوا بين أهليهم، فإنَّهم يستبسلوا في الدفاع عن أبنائهم وحماية نسائهم، وبناتهم، وأعراضهم.
- مشاركة النساء والأبناء في القتال، وبذلك يتضاعف عدد المقاتلين استخدام المدافعين أسلحة لها أثر في صفوف الأعداء، مثل الأحجار وغيرها، وتكون إصابة المهاجمين في متناولهم ومن الواضح: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، عوَّد أصحابه على التصريح بآرائهم عند مشاورته لهم؛ حتىَّ ولو خالفت رأيه، فهو إنّما يشاورهم فيما لا نصَّ فيه، تعويداً لهم على التفكير في الأمور العامّة، ومعالجة مشكلات الأمّة، فلا فائدة من المشورة إذا لم تقترن بحرية إبداء الرّأي، ولم يحدث أن لام الرّسول صلى الله عليه وسلم أحداً، لأنه أخطأ في اجتهاده، ولم يوفَّق في رأيه، وكذلك فإن الأخذ بالشورى ملزم للإمام، فلابَّد أن يُطبَّق الرسول صلى الله عليه وسلم التوجيه القرآني "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (آل عمران، آية: 159) لتعتاد الأمة على ممارسة الشورى، وهنا يظهر الوعي السياسي عند الصحابة رضي الله عنهم فزعم أن لهم إبداء الرّأي، إلا أن ليس لهم فرضه على القائد فحسبهم أن يبينوا رأيهم ويتركوا للقائد حرية اختيار ما يترجَّح لديه من الآراء، فلمّا رأوا أنهم ألحوا في الخروج وأن الرسول صلى الله عليه وسلم عزم على الخروج بسبب إلحاحهم، عادوا فاعتذروا إليه، لكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علمّهم درساً آخر هو من صفات القيادة الناجحة، وهو عدم الترد بعد العزيمة والشروع في التنفيذ، فإن ذلك يزعزع الثقة بها ويغرس الفوضى بين الأتباع.
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عزم على الخروج، وقد أعلن حالة الطوارئ العامّة، وتجهزَّ الجميع للقتال، وأمضوا ليلتهم في حذر، كلُّ يصحب سلاحه، ولا يفارقه حتى عند نومه، وأمر صلى الله عليه وسلم بحراسة المدينة، واختار خمسين من أشّداء المسلمين ومحاربيهم بقيادة محمد بن مسلمة رضي الله عنه واهتم الصحابة بحراسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبات سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسعد بن عبادة، في عدة من الصحابة رضي الله عنهم ليلة الجمعة، مُدَجّجين بالسَّلاح على باب المسجد يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونستطيع أن نقول - إن قرار الخروج قد أدى إلى نصر مبين وسريع وهذا مفصل في كتب السيرة والحديث ثم دارت الدائرة بعد ذلك بسبب الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه فرقة الرماة الذين كانوا على موقع كبير من الأهمية والخطورة، فلما أخلوه انقلبت الأمور، وكل ذلك مفصل في كتابي عن غزوة أحد فلا أطيل بسرده.


هناك تعليق واحد:

  1. كيف حصلت على قرضي؟ تحياتي لكل من يقرأ هذا التعليق !!! انا فاطمة بالاسم. أنا هنا لأوصي بجهود شركة Sunshine للإقراض، كنت بحاجة إلى قرض لدفع فواتيري وأعمالي ومبلغ قرض موحد قدره 50000 دولار، وبمجرد أن اتصلت بهذه الشركة يوم الاثنين من الأسبوع الماضي ويوم الجمعة من الأسبوع الماضي أيضًا، تلقيت تنبيهًا من البنك الذي أتعامل معه يفيد بأنهم قاموا بتحويل أموال إلى حسابي البنكي، وأريد أي شخص يحتاج إلى قرض في هذا الموقع أن يتصل بهذه الشركة عبر البريد الإلكتروني حول كيفية الحصول على قرض لأنني حصلت على قرضي منهم وأنا سعيد جدًا بذلك اتصل بهم الآن. البريد الإلكتروني: (contact@sunshinefinser.com) أو WhatsApp: +919233561861 اتصل بهم الآن

    شكرًا.

    ردحذف