Translate

الجمعة، 21 ديسمبر 2012

الإجماع المصدر الثالث للتشريع في الإسلام


ثالثا: الإجماع: يعتبر الإجماع المصدر الثالث للتشريع في الإسلام، فهو حجة شرعية يجب العمل به على كل مسلم  . وذلك إذا توافرت فيه الأمور التالية:
1 - توافر عدد المجتهدين في عصر وقوع الحادثة.
2 - اتفاق جميع مجتهدي العصر على حكم واحد في الواقعة.
3 - أن يبدي كل واحد من المجتهدين حكمه صراحة، سواء عن طريق الفتوى أو طريق القضاء، وسواء أبدوا آراءهم مجتمعين أو متفرقين.
4 - أن يكون الإجماع على حكم شرعي كالصحة والفساد، فلو حصل أن اتفقوا على حكم عقلي، أو لغوي، لا يكون ذلك إجماعا شرعيا .
فإن تحققت هذه الأمور، لم يكن لأحد أن يخرج عن الإجماع، فالأمة لا تجتمع على ضلالة، ولكن كثيرا من المسائل يظن أن فيها إجماعا وهو ليس كذلك، بل قد يكون الرأي المخالف أرجح في الكتاب والسنة.
أما من حيث التشريع الدستوري الإسلامي، ومدى كون الإجماع مصدرا من مصادر الدستور فإن الوقائع في التاريخ الإسلامي تظهر أنه كان مصدرا من مصادر الأحكام الدستورية، ومن أمثلة ذلك إجماع الصحابة على وجوب الإمامة، وعرف هذا الوجوب في الشرع بإجماع الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم على بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وتسليم النظر إليه في أمورهم، وكذلك في كل عصر من عصور الدولة الإسلامية فلم يترك الناس فوضى في عصر من العصور، واستقر ذلك إجماعا دالا على وجوب نصب الإمام ومن الأمثلة كذلك، الإجماع على البيعة بين الحاكم والمحكوم، وكذلك الإجماع على محاربة المرتدين، وغير ذلك من الوقائع الدستورية التي كان مصدرها الإجماع.
أما من حيث اعتبار الإجماع مصدرا للدستور في العصر الحديث فإن للباحثين في ذلك آراء ثلاثة هي:
1 - لا مكان للإجماع في العصر الحديث، وبالذات في الأحكام الدستورية ويرجع أصحاب هذا الرأي ذلك إلى أن الإجماع يكون في الأمور الدينية والأحكام الدستورية ليست كذلك، ولاستحالة انعقاد الإجماع بعد القرون الثلاثة الأولى.
2 - أنه ما دام أن الإجماع قد وقع في العصور المتقدمة لمختلف الأحكام ومنها الدستورية، فإن ذلك ممكن جدا في العصر الحديث، عن طريق إنشاء مجمع فقهي يضم جميع الفقهاء في العالم الإسلامي، وعلماء القانون ويجتمعون دوريا وينظرون في الوقائع المستجدة كما يستفاد من وسائل الاتصالات ليضمن وصوله إلى من لم يحضر  ويقصد أصحاب هذا الرأي الإجماع المعروف في الأصول.
3 - أن الأحكام الصادرة عن الإجماع نوعان: ثابتة، ومتغيرة، فالثابتة يعتبر الإجماع فيها مصدرا ملزما، كالإجماع في أمر من أمور العبادات، والمتغيرة يعتبر الإجماع على حكم منها غير ملزم إلا في عصر الإجماع فقط، ومن هذا النوع الأحكام الدستورية.
والرأي الذي يرجح في هذه المسألة، أن الإجماع مصدر من مصادر التشريع الدستوري في العصر الحديث، ولكن وفق التفصيل الآتي:
1 - إمكانية انعقاده عقلا مع الاعتراف بصعوبة ذلك واقعا، ولكن هذه الصعوبة لا تخرج عن دائرة الممكنات إلى دائرة المستحيلات فقد تتغير الظروف والأوضاع ويصبح ممكنا.
2 - خيالية بعض الحلول المقترحة، كالمجمع الفقهي القانوني الذي ذكره أصحاب الرأي الثاني، لصعوبة تحقيق الإجماع الأصولي.
3 - ليست كل الأحكام الدستورية أحكاما متغيرة، بل فيها الثابت والمتغير، فبعضها ثابت وصادر عن طريق الإجماع، مثل الإجماع على وجوب الإمامة والبيعة، فهذه يكون الإجماع فيها ملزما للمسلمين في كل وقت، أما الأحكام المتغيرة مثل الإجماع على طريقة اختيار الخليفة، فيكون الإجماع في هذه الحالة غير ملزم إلا في وقت الإجماع فقط؛ لاختلاف الظروف من وقت لآخر، كما حدث في اختيار الخلفاء الراشدين، والإجماع على طريقة الشورى، وغير ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق