Translate

الاثنين، 11 مارس 2013

جمال سلطان/ قضية الدكتورة باكينام


عندما كان الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور يتحدث في الحوار الوطني عن بعض مظاهر أخونة الدولة وكيف أن تخليص مصالح المواطنين والتأشيرات أصبحت حكرًا على قيادات الإخوان ومحافظيهم ومسؤوليهم في المحافظات المختلفة بما يشكل ظلمًا للقوى الأخرى التي لا تملك أدوات السلطة لتسويق نفسها انتخابيًا وغياب التكافؤ في الفرص الانتخابية بما يطعن في صلب الضمانات الانتخابية، كان الشخص الوحيد الذي يقاطعه ويشوشر عليه بعصبية شديدة وبتلاحق أنفاسه حتى لا يسمع صوته أو يفهم كلامه المذاع على الهواء مباشرة هي الدكتورة باكينام الشرقاوي، مساعد الرئيس للشؤون السياسية، وكان في المجلس ممثلون للحرية والعدالة وكان هناك مستشار الرئيس المتوتر دائمًا الدكتور أيمن علي الذي كان يشد وجهه المنفعل بابتسامة صناعية كل خمس ثوان بشكل يعطي إشارة استخفاف بالمستمع أكثر مما يعطي إشارة احترام وثقة، الوحيدة التي استشاطت كأنما لدغتها عقرب وحاولت إسكات مخيون بأي طريقة هي باكينام الشرقاوي، كان المشهد مثيرًا جدًا، ولا تترك باكينام أي فرصة أو لقاء أو احتكاك إعلامي إلا وتبدي حماسة متطرفة جدًا في الدفاع عن إدارة الدولة الآن، وهي تقريبًا أكثر شخصية في رئاسة الجمهورية لها تصريحات إعلامية، وتبدو حماستها في أوقات كثيرة في صورة بادية التكلف، وأحيانًا مضرة بالحالة السياسية مثل تصريحها بعد فضيحة قانون الانتخابات وتفاؤل كثيرين عن أنها فرصة للحوار الوطني الجاد ومحاولات الخروج من الأزمة والوصول إلى حلول للانسداد السياسي، فخرجت باكينام لكي تصدم الرأي العام بتصريح عنتري بأنه لا تفكير في تغيير حكومة هشام قنديل، وهي باقية حتى نهاية الانتخابات النيابية، بدت وكأنها تستفز القوى الوطنية أو كأنها تقطع الطريق على فكرة الحوار ذاته، وهو الأمر الذي جعل البعض يحاول الربط بين هذا الاندفاع ومحاولة إظهار الولاء التام للنظام الجديد، والاتهامات الموجهة لها ولأسرتها وزوجها ووالدها باستغلال النفوذ والتورط في شبهات الفساد.
وكان المستشار عبد المجيد محمود النائب العام السابق قد أرسل خطابًا إلى وزير العدل يطلب منه فيه انتداب قاضٍ للتحقيق مع باكينام الشرقاوي وزوجها في اتهامات باستغلال النفوذ والاستيلاء على أراضي الدولة والكسب غير المشروع، وهي الوقائع التي وردت في البلاغ الذي حمل رقم (3573/2012) الذي تقدم به أيمن عبد العزيز فهمي مدير عام بقطاع الشباب والرياضة، يطالب فيه بالتحقيق مع باكينام وزوجها "أمجد وطني عبده مهران" بعد بلاغ يتهمهما بالتورط في الحصول على شقق ومحلات في منطقة صقر قريش بالمعادي بالتخصيص عن طريق المجاملة غير المشروعة من الوزير الفاسد محمد إبراهيم سليمان، كما حصلت باكينام وأسرتها على ما يتجاوز الخمسمائة فدان في مشروع الوداي وتم تسجيلها باسم الزوج وأمه وشقيقته بالمجاملة أيضًا ودون التزام بسداد قيمة الأرض، كما أن والد السيدة باكينام اللواء رشاد حسن خليل الشرقاوي رئيس جهاز مباحث أمن الدولة بالإسكندرية السابق صاحب التاريخ المشرف في علاقاته بالحركات الإسلامية والسياسية المعارضة لمبارك بشكل عام متورط في قضايا استغلال نفوذ مشابهة إضافة إلى شبكة علاقات مع محامين وقضاة تم الحكم بسجنهم بعد ذلك في اتهامات بالرشوة والفساد، وتحدث البلاغ عن أن هناك شبهة التستر على الفساد الآن باستغلال نفوذ ومنصب الزوجة وعملها بمؤسسة الرئاسة، وطالب البلاغ بكشف الحقيقة أمام الرأي العام وإجراء التحقيقات الجدية في الموضوع، باعتباره قضية رأي عام، وليست قضية مواطنة عادية، ونشرت الصحف في حينها تقارير وافية عن هذا الموضوع، وتم عزل عبد المجيد محمود، ولكن حتى اليوم لم يجر أي تحقيق ـ في حدود علمي ـ كما لم يعرف الرأي العام أي شيء عما جرى فيه إن وجد، كما لم نسمع أي بيان أو تعليق من رئاسة الجمهورية عن تلك الواقعة تبرئة لذمة الرئاسة أولًا، وتبرئة لذمة مساعد الرئيس من جهة ثانية، كما لم نسمع أن الرئيس مرسي قرر إيقاف باكينام أو إعفاءها من منصبها ـ وليس إقالتها ـ حسب القاموس المدهش الجديد، كما فعل مع مستشاره المشاغب الدكتور خالد علم الدين الذي قال إنه أعفاه تنزيهًا للرئاسة عن الشبهات وانتظارًا لنتائج تحقيقات ثبت بعد ذلك أنها وهمية.
نتمنى أن تكون هناك همة للرئاسة وحماسة للحفاظ على سمعتها كما حدث مع واقعة خالد علم الدين، كما نتمنى من النائب العام الجديد أن تكون لديه همة التحقيق في تلك الواقعة أو كشف ما تم فيها، بنفس الهمة التي قام فيها بطلب التحقيق العاجل مع معارضي الرئيس والهمة التي يظهرها في ملاحقة وقائع الشبهات مع عشرات الشخصيات الأخرى بداعي الحفاظ على أموال الدولة وملاحقة الفساد، وبنفس الصرامة التي تجعله ـ عن حق ـ مصرًا على التحقيق مع رئيس نادي القضاة نفسه لوقائع أقل خطورة من تلك المتهمة فيها أسرة باكينام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق