Translate

السبت، 22 ديسمبر 2012

الحسبة في الإسلام نظام فعال


إن نظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشريعة الإسلامية يعد وظيفة أساسية للرسول صلى الله عليه وسلم ولجميع أفراد أمته من بعده، ذلك لما له من أهمية قصوى في الحفاظ على الكيان الاجتماعي للمسلمين، فهو الوسيلة الأولى لتحقيق خلافة الإنسان على الأرض وإصلاحها للبشرية جمعاء، لذا فقد وضع له الإسلام أسسا تضمن فعاليته في المجتمع ويمكن إجمال تلك الأسس فيما يلي:
1 - إن الله تعالى جعل ذلك واجبا دينيا على كل فرد من أفراد المجتمع بحسب موقعه وقدرته. قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104] وقال صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»
2 - إضافة إلى كونه واجبا على الأفراد، فقد جعله الله تعالى واجبا دينيا ومهمة أساسية للدولة المسلمة، تتوقف صلاحيتها للاستمرار في قيادة الأمة على القيام بهذا الواجب، قال الله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41]
3 - لكي تتحد مسؤولية الدولة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد وضع له نظاما محددا وولاية خاصة هي ولاية الحسبة، يقوم عليها أشخاص يختارون لها اختيارا دقيقا وفق شروط واضحة، حتى يتم الإشراف عليهم من قبل الدولة.
4 - حتى تزداد فعالية هذا الواجب -الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -فقد ربط الشرع بين مهمته ورعاية مصالح الناس، حيث جعل الغاية منه تحقيق ما يصلح للناس معاشهم ومعادهم بالحفاظ على المنافع وتنميتها ومحاربة المضار وإخمادها. لذا قال الله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251]
5 - ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الأفراد، وحتى يمتثل الأفراد لهذا الواجب، فقد ربطه الله تعالى بالوعد والوعيد، فوعد من قام به بالثواب الجزيل في الدنيا والآخرة، كما أوعد من تخلف عن القيام به بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى في صفات المؤمنين: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71] وقال الله تعالى في صفات المنافقين: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة: 67] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليضربن الله على قلوبكم ثم تدعوه فلا يستجيب لكم»
6 - إن الله تعالى جعل اهتمام المرء بنفسه وتزكيتها قبل أن يلتفت إلى الآخرين محورا للإصلاح، حتى لا يكون الطعن في سلوكه سبيلا وحجة للآخرين يتعذر بها عن عدم الانصياع للأمر أو النهي، لذا قال الله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44]
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق