الديمقراطية تحمل في ظاهرها بريقًا خلابًا, ولكن في حقيقتها هي عكس ذلك.
1- أما بالنسبة لموقف السلطة وأصحاب الجاه والثراء فقد اتضح أن هؤلاء عرفوا كيف يحتالون على الشعوب ويوجهونهم لمصالحهم الخاصَّة قبل مصالح الشعوب الحقيقية؛ بحيث يوهمون الشعوب أنَّهم حصلوا على كل ما كانوا يطالبون به, وكان الرابح الحقيقي هم السلطة.
2- أمَّا ما تحقَّق في ظل الديمقراطية من التشجيع على الفساد الأخلاقي تحت تسمية الحرية الشخصية, وما تحقق لهم من الدعوة إلى الإلحاد تحت تسمية حرية الكلمة, أو حرية الأديان, فإنه لا يعتبر مكسبًا حقيقيًّا, بل الصحيح أنه خسارة فادحة, وإن سموه مكسبًا, وهذا باعتراف عقلائهم.
3- ما تحقق من الابتعاد التام عن الالتزام بالدين أو التحاكم إليه إنما هو رجوع إلى الجاهلية التي يزعمون أن الإنسان البدائي كان يعيشها في حقبة ما قبل التاريخ كما يسمونها، فأيّ مكسب للشعب في رجوعه إلى تلك الحال.
4 - ما تحقّق كذلك من نسيان اليوم الآخر, وما أخبر الله به من الثواب والعقاب, وما حلَّ محله من التكالب على المتع الرخيصة, والسير بلهفة للوصول إلى الشهوات, والزخارف الجذابة التي تنتجها مصانع الشرق والغرب, إن هو إلا ضلال وعبادة للدنيا, وإرجاع للإنسان إلى الحيوانية البهيمية.
5- ما تنادي به الديمقراطية من المبادئ البراقة ينقضه أنها لم تحقق للناس الألفة والمحبة والتراحم الذي جاءت به الشريعة الإسلامية, فلا يزال السلب والنهب والاغتصاب وكثرة الجرائم هي السمة الظاهرة في الأنظمة التي تحكم بالديمقراطية, فأين المكاسب في مثل هذه الأعمال، وأيّ أمن سيحصل في نظام من أبرز أسسه التي قام عليها تشريع البشر للبشر, المتمثِّل في مجلس النواب وغيرهم من المشرعين من دون الله بقوانينهم التي تقوم على الهوى ومحادَّة الله, فإن الديمقراطية قد كفلت لهم هذا الحق الذي أخذوه بغير حق, والذي يعتبر من اتخاذ الناس بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله, فأي مكسب للإنسان المكرم في ظل هذه الاتجاهات الباطلة, وأي مكسب سيجنيه الشخص من قانون الحرية الشخصية التي أتاحت كل الفواحش وأنواع الإجرام تحت دعوى حرية الشعب، ومن الغريب أن تضمن الديمقراطية الحرية في كل شيء إلّا حرية التمسك بالدين الإسلامي, ولقد صدق المتظاهرون في بريطانيا حين خرجوا يصيحون في الشورع "لا حرية عندنا إلّا في الجنس", ذلك لأنَّ السفور والزنا واللواط وشرب الخمور والتبجح بالكفر كلها أمور ضمنها قانون حرية الديمقراطية, التي يتبجّح بها الغرب والمعجبون بهم من الدول التي يسمونها "الدول النامية", أو على الأصح "النايمة", تظنُّ أن تلك الجرائم مكاسب.
6- لم يتحقق في الديمقراطية تكريم الإنسان التكريم اللائق به, وإنما تكريمه يتمّ حسب الأمزجة ومن خلال اعتبارات كثيرة, بينما الإسلام يكرِّمه في كل أحواله, سواء أكان فقيرًا أم غنيًّا قبيحًا أم جميلًا, وهذا هو المكسب الحقيقيّ الذي يجب أن يعض الإنسان عليه بالنواجذ, فإن الإسلام يكرم الإنسان حيًّا وميتًا, يكرمه في حياته فلا يجوز الاعتداء عليه؛ لا في ماله, ولا في نفسه, ولا في عرضه, إلا بشروط, ولا يجوز تعييره بذنب تاب منه, ويكرمه وهو ميت؛ فلا يجوز أخذ شيء منه, ولا الاستهانة بقبره, بل ولا يجوز مجرَّد الجلوس على قبره, ولا أن يذكر بشرٍّ إلّا لمصلحة راجحة, ولا يجوز إخضاعه واستعباده إلّا لربه سبحانه, ولا أن ينفذ تشريع أحد من البشر لم يرد به تشريع من عند خالق البشر، بينما الديمقراطية قائمة على تشريع الناس بعضهم لبعض, متمثلة في مجموعة من الناس يسمّون ذلك لجهلهم مكاسب ديمقراطية.
7- ما تمدح به دعاة الديمقراطية من أنَّهم ضمنوا للشعوب حق التعبير عن الرأي مهما كان, فإنه قد اتَّضح من التاريخ الأوربيّ أن هذا الاتجاه لم يتحقق بطريقة صحيحة؛ إذ أنه لا يزال لأصحاب الجاه والحكم والثراء سيطرتهم المباشرة أو غير المباشرة على كل رأي تتخذه الجماهير، فلم يصفو المشرب لهذا المكسب كما يجب له, أو كما يتصور البعض, بدليل عدم جواز وصول المعارضة إلى المساس الحقيقي بمصالح السلطة الحاكمة كذلك, فإن حق التعبير عن الرأي هل ينفذ للجماهير؟ ما أكثر ما يعبرون عن أراء ويتظاهرون من أجلها, ويضربون عن العمل لتنفيذها, ولكنها لا تنفذ لهم, وهو ما نسمعه في كل يوم من إذاعاتهم, وما نقرأه في صحفهم, وهذا الأمر ليس بسرِّ إضافة إلى أن حقَّ التعبير إنما كان بتخطيط ماسونِيٍّ لضرب عقائد من يسمونهم بالجوييم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق