بالنسبة للبرلمانات المنتخبة عن طريق شعار الديمقراطية, فلا تسأل عن الحيل والخدع التي تجري سرًّا وجهرًا في أماكن الانتخابات, فمن المعروف أن النَّاس لا يذهبون إلّا إلى مَنْ عنده ذهب, كما قال أحد الشعراء:
رأيت الناس قد ذهبوا ... إلى من عنده ذهب
ومن لا عنده ذهب ... فعنه الناس قد ذهبوا
إذ يحتاج العضو الذي ينتخب إلى مال يتودَّد به إلى ناخبيه, وإلى إظهار بعض الإصلاحات التي سيفعلها في حال فوزه, ومتى لم يكن عنده مال انقشع الناس عنه وتناسوه؛ لأنَّ العامّة لا تنظر إلى الكفاءة الحقيقة من المعرفة والجرأة والنصح والإخلاص؛ لأنها غير منظورة, وإنما ينظرون إلى الإنجاز المادي المشاهد, فكم من شخص عنده من الكفاءة ولم ينتخب, بما لا يقارن به الكثير ممن تَمَّ انتخابهم.
وإذا كان المنتخبون من ذوي الجاه والثراء, فما الذي يشغل قلوبهم على عامَّة الشعب الفقراء والمساكين, وقد فقدوا مراقبة الله تعالى أولًا وأحسوا أنهم أصحاب سلطة وتوجيه يجب على الشعب السمع والطاعة لهم, وإلّا كانوا عصاة يجب تأديبهم وزجرهم عن التفكير في الوصول إلى مصالح السلطات الحقيقية, أو الامتيازات الممنوحة لهم بفضل القوانين التي دوَّنوها هم أيضًا, كما أنَّه على افتراض أنَّه وجد شخص مخلص لشعبه, وجرئ في محاجة أصحاب السلطة والجاه, فليس أمامه إلّا خيارين: إمَّا أن يمشي مع المجموعة العامَّة للنواب في الصحيح وفي الغلط, وإمَّا أن يعتزل ويذهب بنفسه, أو هم يذهبون به تحت أيّ مبرر من المبررات الكثيرة التي يجيدون طبخها في الظلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق