في مقابل ما منح الوافد والديبلوماسي من حقوق وحماية ورعاية وأمان وتكريم فإن إخلاله بالأمن القومي للدولة الإسلامية يترتب عليه تبعات عقابية قاسية. فالأمن القومي للدولة الإسلامية هو عبارة عن " مجموعة مصالحها الحيوية، فكل دولة تهتم بالحفاظ على تلك المصالح سواء أكانت سياسية أو اقتصادية، أو ثقافية، أو اجتماعية معنوية أو روحية أو أمنية، كما أن مفهوم الأمن القومي هو العمل على مقاومة كل من يحاول مخالفة قواعد الأنظمة المرعية والتشكيك في مبادئ الدول وقيّمها " وقد أدركت الدولة الإسلامية في سياساتها الخارجية منذ نشأتها الأولى هذا الأمر وأعطته جل الاهتمام، فزودت سفراءها بالتعليمات، والسلوكيات والآداب التي ينبغي أن يتجملوا بها أمام الدول والهيئات والمؤسسات والمنظمات العالمية فمما أوصتهم به الديبلوماسية الإسلامية عدم التدخل في شؤون المرسل إليه، وأمور مملكته، والتحريض على الراعي والرعية، أو أن يتصلوا بشخصيات مشتبه في أمرها لدى سلطات الدولة المرسل إليها لأن الديبلوماسي أو الوافد إلى دولة أخرى ينبغي أن يكون كما قال الملك الظاهر برقوق: " أعمى، أخرس، غزير العقل، ثقيل الرأس "
ولهذا أبان الفقهاء رحمهم الله ومنهم الإمام الفقيه الأوزاعي [88 - 157هـ] أنه إذا صدر من السفير أو الديبلوماسي أعمال تخل بالقواعد والآداب المرعية في نظم الدولة الإسلامية ينبذ إليه على سواء - أي يعلم بسحب الأمان عنه - ويؤمر بمغادرة دار الإسلام طرداً أو ترحيلا أو إبعاداً ذلك لأن مهام وظيفة الوافد والديبلوماسي توجب عليه أن يطرق الوسائل المشروعة وإذا لم يلتزم بها كان للدولة المعتمد لديها أن تعده شخصاً غير مرغوب فيه، أو أن تطلب إلى دولته استدعاءه أو أن تعلّمه مباشرة عند الاقتضاء بمغادرة إقليمها. ومسلك الفقهاء المسلمين - رحمهم الله - هذا سابق لقواعد القانون الدولي الحديث المتفق عليها في اتفاقية فيينا التي جاء فيها في المادة الحادية عشرة في بند إنهاء حصانة الوافد والمبعوث الديبلوماسي أن " للدولة المعتمد لديها في أي وقت من الأوقات وبدون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس بعثتها أو أي عضو من أعضائها أصبح شخصاً غير مقبول وغير مرغوب فيه" .
وهذا العمل يندرج تحت نظم الدولة الإسلامية وتشريعاتها التي تحرم الإخلال بالأمن والفوضى حفاظاً على بيضة الدولة الإسلامية وكيانها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق