Translate

الأربعاء، 9 يناير 2013

بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

تمت بيعة علي رضي الله عنه بطريقة الاختيار وذلك بعد أن استشهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، على أيدي الخارجين المارقين الشذاذ الذين جاؤوا من الآفاق، ومن أمصار مختلفة، وقبائل متباينة لا سباقة لهم، ولا أثر خير في الدين، فبعد أن قتلوه رضي الله عنه زوراً وعدوانا، يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين.
قام كل من بقي بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمبايعة عليّ رضي الله عنه بالخلافة وذلك لأنه لم يكن أحد أفضل منه على الإطلاق في ذلك الوقت، فلم يّدع الإمامة لنفسه أحد بسعد عثمان رضي الله عنه، ولم يكن أبو السبطين رضي الله عنه، حريصاً عليها، ولذلك لم يقبلها إلا بعد إلحاح شديد من بقي بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمبايعة علي رضي الله عنه بالخلافة وذلك لأنه لم يكن أحد أفضل منه على الإطلاق في ذلك الوقت، فلم يّدع الإمامة لنفسه أحد بعد عثمان رضي الله عنه ولم يكن أبو السبطين رضي الله عنه، حريصاً عليها، ولذلك لم يقبلها إلا بعد إلحاح شديد ممن بقى من الصحابة بالمدينة، وخوفاً من ازدياد الفتن وانتشارها ومع ذلك لم يسلم من نقد بعض الجهال إثر تلك الفتن كموقعة الجمل وصفين التي أوقد نارها وأنشبها الحاقدون على الإسلام كابن سبأ وأتباعه الذين استخفهم فأطاعوه لفسقهم ولزيغ قلوبهم عن الحق والهدى، وقد روى الكيفية التي تم بها اختيار علي رضي الله عنه للخلافة بعض أهل العلم.

فقد روى أبوبكر الخلال بإسناده إلى محمد بن الحنفية قال: كنت مع علي رحمه الله وعثمان محصر قال: فأتاه رجل فقال: إن أمير المؤمنين مقتول الساعة، قال: كنت مع علي رحمه الله وعثمان محصر قال: فأتاه رجل فقال: إن أمير المؤمنين مقتول الساعة، قال: فقام علي رحمه الله: قال محمد: فأخذت بوسطه تخوفاً عليه فقال خلَّ لا أمّ لك، قال: فأتى علي الدار، وقد قتل الرجل رحمه الله، فأتى داره فدخلها فأغلق بابه، فأتاه الناس فضربوا عليه الباب فدخلوا عليه فقالوا: إن هذا قد قتل، ولابد للناس من خليفة ولا نعلم أحداً، أحق بها منك، فقال لهم علي: لا تريدوني فإني لكم وزير خير مني لكم أمير فقالوا: لا والله لا نعلم أحد أحق بها منك قال: فإن أبيتم علي فإن بيعتي لا تكون سراً ولكن أخرج إلى المسجد فبايعه الناس، وفي رواية أخرى عن سالم بن أبي الجعد عن محمد بن الحنفية: فأتاه أصحاب رسول الله فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل ولابد للناس من إمام ولا نجد أحداً أحق بها منك أقدم مشاهد، ولا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي: لا تفعلوا فإني وزير خير مني أمير، فقالوا: لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال: ففي المسجد، فإنه ينبغي ألا تكون خفياً ولا تكون إلا عن رضا المسلمين قال: فقال سالم بن أبي الجعد: فقال عبد الله بن عباس: فلقد كرهت أن يأتي المسجد كراهية أن يشغب عليه، وأبي هو إلا المسجد، فلما دخل المسجد جاء المهاجرين والأنصار فبايعوا وبايع الناس.
ومن هذه الآثار الصحيحة بعض الدروس والعبر والفوائد منها:
أ- نصرة على بن أبي طالب رضي الله عنه لعثمان رضي الله عنه ودفاعه عنه، وهذا متواتر عن علي رضي الله عنه بل كان أكثر الناس دفاعاً عن عثمان رضي الله عنه، جاء بأسانيد كثيرة، وشهد بذلك مروان بن الحكم حيث قال: ما كان في القوم أدفع عن صاحبنا من صاحبكم يعني علياً عن عثمان.
ب- زهد علي رضي الله عنه في الخلافة وعدم طلبه لها أو طمعه فيها، واعتزاله في بيته حتى جاءه الصحابة يطلبون البيعة.
ج- إجماع الصحابة من المهاجرين والأنصار والناس عامة في المدينة على بيعته، ويدخل في هؤلاء أهل الحل والعقد، وهم الذين قصدوا عليَّاً وطلبوا منه أن يوافق على البيعة وألحوا عليه حتى قبلها، وليس للغوغاء وقتلة عثمان كما في بعض الروايات الضعيفة والموضوعة.
ح- إن علياً كان أحق الناس بالخلافة يؤمئذ، ويدل على ذلك قصد الصحابة له، وإلحاحهم عليه، ليقبل البيعة، وتصريحهم بأنهم لا يعلمون أحق بالخلافة منه يؤمئذ.
س- أهمية الخلافة، ولذلك رأينا أن الصحابة أسرعوا في تولية علي، وكان يقول: لولا الخشية على دين الله لم أجبهم.
ش- إن الشبهة التي أدخلوها على بيعة علي، كون الخوارج الذين حاصروا عثمان وشارك بعضهم في قتله، كانوا في المدينة وأنهم أول من بدؤوا بالبيعة وأن طلحة والزبير بايعا مكرهين، وهذه أقاويل المؤرخين، لا تقوم على أساس وليس لها سند صحيح، والصحيح أنه لم يجد الناس بعد أبي بكر وعمر وعثمان، كالرابع قدراً وعلماً وتقى وديناً وجهاداً، فعزم عليه المهاجرين والأنصار، ورأى ذلك فرضاً عليه، فانقاد إليه، ولولا الإسراع بعقد البيعة لعلي، لأدى ذلك إلى فتن واختلافات في جميع الأقطار الإسلامية، فكان من مصلحة المسلمين أن يقبل علي البيعة مهما كانت الظروف المحيطة بها، ولم يتخلف عن علي أحد من الصحابة الذين كانوا بالمدينة، وقد خلط الناس بين تخلف الصحابة عن المسير معه إلى البصرة وبين البيعة: أما البيعة فلم يختلفوا عنها، وأما المسير معه فتخلفوا عنه لأنها كانت مسألة اجتهادية، كما أن علياً لم يلزمهم بالخروج معه وقبل عذر من اعتذر عن ذلك.
ع- لابد من الحذر من مبالغات الإخباريين التي تزعم أن المدينة بقيت خمسة أيام بعد مقتل عثمان وأميرها الغافقي بن حرب يلتمسون من يجيبهم إلى القيام بالأمر فلا يجدونه، وتزعم أن الغوغاء من مصر عرضت الأمر على علي فرفضه، وأن خوارج الكوفة عرضوا الخلافة على الزبير، فلا يجدونه، ومن جاء من البصرة عرضوا على طلحة البيعة، فهذا لا يثبت أمام الروايات الصحيحة ولا يصح إسناده، كما أن المعروف تمكن الصحابة من المدينة وقدرتهم على القضاء على الغوغاء لولا طلب عثمان رضي الله عنه، بالكف عن استخدام القوة ضدهم وقد فصلت ذلك في كتابي: تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان، والصحيح أن بيعة على كانت عن طواعية واختيار من المسلمين وليس لأهل الفتنة دور في مبايعة علي، وإنما كل من كان من الصحابة في المدينة هم الذين اختاروا أمير المؤمنين علياًّ رضي الله عنه.
ك- بلغت الروايات الصحيحة والشواهد في بيعة علي رضي الله عنه إحدى عشرة رواية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق