كانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فبايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر، وكتب بيعته إلى الآفاق فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام فكان بينهما بعد ما كان.
إن خلافة علي رضي الله عنه محل إجماع على أحقيتها وصحتها في وقت زمانها، وذلك بعد قتل عثمان - رضي الله عنه حيث لم يبق على الأرض أحق بها منه رضي الله عنه، فقد جاءته رضي الله عنه على قدر في وقتها ومحلها.
اعترض بعض الناس على الإجماع على خلافة علي فقالوا:
- أن أهل الشام - معاوية ومن معه - لم يبايعوه بل قاتلوه.
والجواب: أن معاوية - رضي الله عنه - لم يقاتل علياً على الخلافة ولم ينكر إمامته، وإنما كان يقاتل من أجل إقامة الحد الشرعي على الذين اشتركوا في قتل عثمان مع ظنه أنه مصيب في اجتهاده ولكنه كان مخطئاً في اجتهاده ذلك، فله أجر الاجتهاد فقط، وقد ثبت بالروايات الصحيحة أن خلافه مع علي - رضي الله عنه - كان في قتل قتلة عثمان ولم ينازعه في الخلافة، بل كان يقر له بذلك، فعن أبي مسلم الخولاني أنه جاء وأناس معه، إلى معاوية وقالوا: أنت تنازع علياَّ، هل أنت مثله؟ فقال: لا والله، وإني لأعلم أنه أفضل مني، وأحق بالأمر منى، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً، وأنا ابن عمه والطالب بدمه؟ فأتوه فقولوا له: فليدفع إليَّ قتلة عثمان وأسلم له، فأتوا علياًّ فكلموه فلم يدفعهم إليه.
ويروي ابن كثير من طرق بسنده إلى أبي الدرداء وأبي أمامة - رضي الله عنهما - أنهما دخلا على معاوية فقالا له: يا معاوية علام تقاتل هذا الرجل؟ فوالله إنه أقدم منك ومن أبيك إسلاماً، وأقرب منك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحق بهذا الأمر منك، فقال: أقاتله على دم عثمان، وإنه آوى قتلته، فاذهبا إليه فقولا له:، فليقدنا من قتلة عثمان، ثم أنا أول من أبايعه من أهل الشام.
والروايات معاوية لعلي - رضي الله عنهما - في الخلافة. ولهذا نص المحققون من أهل العلم على هذه المسألة وقرروها، يقول إمام الحرمين الجويني: إن معاوية وإن قاتل علياً فإنه لا ينكر إمامته، ولا يدعيها لنفسه وإنما كان يطلب قتلة عثمان ظناً منه أنه مصيب وكان مخطئاً.
وكان أمير المؤمنين علي موافقاً من حيث المبدأ على وجوب الاقتصاص من قتلة عثمان، وإنما كان رأيه أن يرجىْ الاقتصاص من هؤلاء إلى حين استقرار الأوضاع وهدوء الأمور واجتماع الكلمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق