Translate

السبت، 26 يناير 2013

أوجه الاتفاق بين الشورى والديمقراطية


أـ أن المساواة وحرية الفكر والعقيدة والعدالة الاجتماعية في الشورى والديمقراطية لا تنحصر بالنظام السياسي والحكم, بقدر ماتؤكد على البعد الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد لاسيما وأن: يعيش الشعب في ظل كيان إنساني متعاون, وفي إطار من راحة العيش.
والتكافل الاجتماعي من خلال فرض الزكاة والصدقات فرض الخراج على الأغنياء إذا احتاجت الدولة للمال من أجل الدفاع عن البلاد وكفاية الفقراء والمحتاجين والمساكين, كما قال تعالى:" وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ " (المائدة, آية: 2)
وقضية العدالة بصورة عامة تدخل في كل شؤون الدين وتفاصيله, كما يقول ابن عبد السلام: العدالة شرط في معظم الولايات, لتكون وازعة عن الخيانة والتقصير.
وينطبق هذا أيضاً على الحرية الاقتصادية كما روى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض, فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه وقد أكد الدكتور وهبة الزحيلي: أن الديمقراطية الاجتماعية في الإسلام كانت أبعد مدى بكثير في حياة المسلمين الأوائل منها في الديمقراطيات الحديثة, كما كانت الديمقراطية السياسية في الإسلام أكثر عناية وتحقيقاً لأهداف الديمقراطية منها بأساليب وشكليات تلك الديمقراطية.
فهما يتفقان على تمكن الفرد من المشاركة في القرارات المصيرية التي تهمه, وتهم المجتمع كله, كما أن الفرد يحصل على نصيب عادل من ثروة بلاده.
ب-أن الأمة أو الشعب هي التي تختار ممثليها أو حكامها فالشورى والديمقراطية تدعوان لتوسيع مشاركة الناس في مجال العمل السياسي, أو بصورة أخرى بناء الأمة سياسياً ويعد هذا واجباً وطنياً, وهناك اتفاق على رفض أي نوع من الاستبداد والانفراد بالرأي.
لعل في تنبيهات الصديق ((رضي الله عنه)) عند تسلمه الحكم ما يشير إلى أس الديمقراطية والشورى, عندما قال: أيها الناس: إني وُليت عليكم ولست بخيركم, إن أحسنت فأعينوني, وإن أسأت فقوموني, أطيعوني ما أطلعت الله ورسوله, فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم.
هذا المفهوم الأصيل الذي ذكره الصديق يوضح مدى غرابة وبشاعة الاستبداد والمستبدين عن واقع المنهج الرباني, بل كان من أهداف بعث الأنبياء والرسل محاربة الاستبداد في واقع الأقوام والجماعات سواء أكانت على نطاق الأفراد فرعون نمرود قارون .. أو على نطاق الجماعات. قوم نوح, قوم هود, مشركي قريش, هذا الاستبداد لون واحد ولكنه بشكل متعدد.
وعلى توصيف الكواكبي ت 1320هـ أن ((المستبد يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم, ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم ويعلم من نفسه أنه الغاصب المعتدي, فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من الناس يسدها عن النطق بالحق, والتداعي بمطالبته, فالمستبد لا يمكن أن يكون رجل دولة, ورجل سياسة , فقط رجل لتلبية الملذات التي تعتريه.
ج- عدم جواز مخالفة مصالح الأمة التي تعقد في الشورى أو الديمقراطية, لأن هذه المصالح تصدر عن طريق الموافقة الجماعية وليس عن طريق الأهواء أو الانفراد بالرأي.
س: هناك مقاربة فيما يسمى في الأنظمة الديمقراطية بحكم الأغلبية, أي أكثر من نصف الأصوات التي أدلى بها, وبها يتم انتخاب الهيئات التشريعية بطريقة التمثيل النسبي حيث يعطى التمثيل النسبي الحزب السياسي نسبة مئوية من مقاعد الهيئة التشريعية, تتناسب مع نصبيه من جملة الأصوات التي أدلى بها في الانتخابات, أي أن النظام يوجب أن توافق الأغلبية على القرار البرلماني حتى يعتمد, ويصبح القرار نافذ المفعول .
في حين أن مبدأ الأغلبية أو الأكثرية معمول به , لو تجاوزنا بعض الملاحظات على استعمال مصطلح الأغلبية في نظام الديمقراطية , وإن كان أمر الأقلية معتبراً.
ولقد اعتمد فقهاء السياسة الشريعة هذا المبدأ, وهو العمل بالأكثرية ومصطلح الأكثرية أو الكثرة معمول به في مباحث التعارض والترجيح ومن ذلك قول الآمدي 631هـ: إن الكثرة يحصل بها الترجيح, ثم انتقل للعمل به في مسالك الحكم والسياسة , كما يرى ذلك العلماء منهم الغزالي 505هـ وابن تميمة 728هـ وعلى لسان الماوردى 450هـ قوله: ويكون أهل المسجد أحق بالاختيار, وإذا اختلف أهل المسجد في اختيار إمام عمل على قول الأكثرين.
وكذلك يُعمل به في مبدأ الشورى, كما يرى ذلك الأستاذ عبد القادر عودة 1383هـ والواقع أن الشورى لن يكون لها معنى إذا لم يؤخذ برأي الأكثرية , ووجوب الشورى على الأمة يقضي التزام رأي الأكثرية .
والملاحظة لأقوال الفقهاء واختلافهم أن استعمالهم عبارة ما ذهب إليه الجمهور وهم يعنون به: الأكثرية من الفقهاء سواء تعلق الأمر بالفقه أو السياسة.
والمشكلة التي يلتفت إليها هنا, هو اعتبار الأغلبية فوق القانون, كما كان يحكم الفلاسفة وأن غالبية الشعب هي الحاكمة لا القانون, فهنا لا نستطيع أن نجعل هذا وجه اتفاق لكن وجه اختلاف أساسي مابين الديمقراطية والشورى, بيد أن تعويلاً على أن الأغلبية الواقعة هنا أغلبية اجتهادية في المصالح العامة، لا أغلبية في أحكام التشريع والقانون.
ش- أن عضوية المجلس النيابة تقارب عضوية مجالس الشورى في العديد من الأشكال والصور، فالعضوية تشترط أن يكون العضو قد بلغ سناً معينة, وأن لا يكون أقترف جرماً يخل بالشرف, وأن يكون حسن السيرة والسلوك, في حين أن المجالس الشورية تشترط ما هو أقرب إلى هذا, وأحكم بالشرع , حيث تشترط أن يكون العضو ملتزماً بدين وأخلاق الإسلام, ذوي خبرة وممارسة وحنكة وأن يكون أهلاً للمسؤولية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق