Translate

الأحد، 6 يناير 2013

الشورى في بدء التاريخ الهجري

يعد التاريخ بالهجرة تطوراً له خطره في النواحي الحضارية، وكان أول من وضع التاريخ بالهجرة عمر، ويحكى في سبب ذلك عدة روايات، فقد جاء عن ميمون بن مهران أنه قال: دُفع إلى عمر رضي الله عنه صَكُّ محله في شعبان، فقال عمر: شعبان هذا الذي مضى أو الذي هو آتٍ أو الذي نحن فيه، ثم جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: ضعوا للناس شيئاً يعرفونه فقال قائل: اكتبوا على تاريخ الروم، فقيل: إنه يطول وإنهم يكتبون من عند ذي القرنين، فقال قائل: اكتبوا تاريخ الفرس قالوا: كلما قام ملك طرح ما كان قبله، فاجتمع رأيهم على أن ينظروا كم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فوجدوه أقام عشر سنين، فكتب أو كتبوا التاريخ على هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عثمان بن عبيد الله قال سمعت سعيد بن المسيب يقول: جمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم فقال: متى نكتب التاريخ؟ فقال له علي بن أبي طالب: منذ خرج النبي صلى الله عليه وسلم من أرض الشرك، من يوم هاجر قال، فكتب ذلك عمر بن الخطاب، وعن ابن المسيب قال: أول من كتب التاريخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسنتين ونصف من خلافته، فكتب لست عشرة من المحرم بمشورة على بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال أبو الزناد: واستشار عمر في التاريخ، فأجمعوا على الهجرة، وروى ابن حجر في سبب جعلهم بداية التاريخ في شهر محرم وليس في ربيع الأول الشهر الذي تمت فيه هجرة النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحابة الذين أشاروا على عمر وجدوا أن الأمور التي يمكن أن يؤرخ بها أربعة، هي مولده ومبعثه وهجرته ووفاته، ووجدوا أن المولد والمبعث لا يخلون من النزاع في تعيين سنة حدوثهما وأعرضوا عن التاريخ بوفاته لما يثيره من الحزن والأسى عند المسلمين، فلم يبق إلا الهجرة وإنما أخروه في ربيع الأول إلى المحرم، لأن ابتداء العزم على الهجرة كان من المحرم؛ إذ وقعت بيعة العقبة الثانية في ذي الحجة، وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هو هلال محرم، فناسب أن يجُعل مبتدأ .. ثم قال ابن حجر: وهذا أنسب ما وقعت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم.
وبهذا الحدث الإداري المتميز أسهم الفاروق في إحداث وحدة شاملة بكل ما تحمله من معنى في شبه الجزيرة، حيث ظهرت وحدة العقيدة بوجود دين واحد ووحدة الأمة، بإزالة الفوارق، ووحدة الاتجاه باتخاذ تاريخ واحد، فاستطاع أن يواجه عدوه وهو واثق من النصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق