Translate

الخميس، 4 أبريل 2013

جمهورية مصر «العبثية»



أى عبث أكبر مما يدور داخل مجلس الشورى؟

المجلس التشريعى الوحيد ــ بحكم الضرورة ــ تحول إلى مضخة لإنتاج كل عوامل الاحتقان ومفاقمة الاستقطاب، وإشعال النيران كلما همدت أو هدأت، إذ لا معنى لهذا التلاعب المستمر بقانون الانتخابات داخل المجلس الموقر سوى أن أغلبيته أدمنت الحياة عند حافة الهاوية، مستمتعة بالقفز فوق صفيح ساخن يتطاير منه الشرر فى كل اتجاه.

ولعل إصرار تشريعية المجلس على إشعال فتيل المادة الخاصة بإلغاء الحظر المفروض على استخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية دليل إضافى على أن «مجلس الشيوخ» يمارس أخطر أنواع النزق السياسى فى لحظة لا تحتمل المزاح والتهريج.

وأزعم أن المجلس الموقر يعى جيدا أنه أدخل الجميع فى نفق مظلم أكثر من مرة حين آثر إلا أن يهدم كل جسور التوافق ويحرق كل مساحات الاتفاق بين القوى السياسية، الأمر الذى استلزم تدخل المحكمة الدستورية وإعادة المشهد كله إلى نقطة الصفر، وأتاح الفرصة للراغبين فى استمرار حالة الشلل التى تضرب مفاصل السياسة فى مصر لكى يواصلوا الفرار من استحقاقات المرحلة الانتقالية، وإبقاء الأوضاع فى ذمة حرائق الغضب ونزيف الدماء.

لقد كان أمام المجلس فرصة ليحرر البلاد والعباد من دائرة العنف والدم لو أنه التزم بالحد الأدنى من التوافق على مشروع تعديل قانون الانتخابات كما انتهت إليه الأطراف السياسية المشاركة فى الحوار الوطنى، غير أن أيدى العبث امتدت إلى مواد القانون بالتغيير والحذف والإضافة، ما أفقد القانون دستوريته، وأسهم فى تآكل مساحات الثقة فى رئيس الجمهورية ومصداقيته، وأوجد ذريعة لدعاة الفوضى والانقلاب لمواصلة رقصة الموت المجنونة.

ولو أن المجلس نحى جانبا المصالح الحزبية الصغيرة الضيقة لصالح المصلحة الوطنية العليا وهو يتصدى لقانون الانتخابات، لكنا قد وصلنا إلى مرحلة الاقتراع وأصبحنا على مشارف مجلس تشريعى بإرادة الناس وليس بحكم الضرورة أو بمحض الصدفة.

لكنها الرغبة فى العبث التى ربما تتفوق على ماعداها من فقاعات تطفو على سطح السياسة المصرية هذه الأيام، فى سياق الكوميديا السوداء التى نصحو عليها وننام.

وفى سياق هذه الكوميديا تلقيت رسالة عبر بريدى الإلكترونى مما تسمى «الجبهة الثورية» تدعو للاحتفال بخروج الرئيس حسنى مبارك من محبسه فى الثانى عشر من أبريل الحالى، وحسب البيان المرسل من منسق ما تسمى «الجبهة الثورية» الذى هو المنسق السابق لحملة ترشيح الجنرال عمر سليمان فإنها «دعت، جميع القوى الوطنية، وفصائل ومكونات الشعب المصرى للمشاركة فى احتفالية خروج الرئيس السابق حسنى مبارك من محبسه يوم 12 أبريل الحالى، وذلك بعد اقتناع الرأى العام بأن جميع القضايا التى اتهم فيها مبارك غير مقنعة».

ويتضمن البيان مطالبة من رئيس ما يسمى «اتحاد رجال الأعمال فى أوروبا» بتعليق الزينات ورايات الاحتفال من الآن وتجهيز الذبائح وسرادقات الاحتفال بمناسبة خروج الرجل الوطنى الشريف من محبسه «إذن هى دولة العبث القومى تفتح حدودها ومنافذها، عبث فى الإدارة وفى التشريع وعبث فى الثورة، جعل مثل هذه الأصوات وأصحاب هذا النوع من الدعوات حاضرين كتفا بكتف وجنبا إلى جنب ثوار الميادين، تحت علمهم وسمعهم وبصرهم، وأحيانا تحت رعاية بعضهم»!
 وائل قنديل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق