[أولا انعدام المشروعية للفعل]
والوقائع الإرهابية قد تندرج تحت أحد هذه الأنواع وقد تقترن بأكثر من نوع، فتكون ممتزجة من عدة وقائع إجرامية، ومما لا شك فيه أن الواقعة الإجرامية إذا حصل لها التوصيف القضائي السليم وأصبحت تندرج تحت الوقائع المؤاخذ عليها فإن دلائل التجريم بها تكون ظاهرة وواضحة، وواقعة الإرهاب العدواني الجائر ودخوله في دائرة التجريم ظاهر لاشتماله على أمور متعددة من أظهرها ما يأتي:
أولًا: انعدام المشروعية للفعل لأن هذه الأعمال الإجرامية تتضمن أنواعًا من المحرمات في الشريعة الإسلامية كالغدر، والخيانة، والعدوان، والبغي، والإثم، والظلم، وقد حرّم الله الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرمًا وأمر بالعدل يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90] " النحل: الآية 90. ".
ويقول سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا».
كما أن هذا الفعل يعد من الإفساد في الأرض الذي نهى الله عنه يقول تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} [الأعراف: 56] " الأعراف الآية: 56" قال الإمام ابن كثير رحمه الله: " ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما أضره بعد الإصلاح، فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد، فنهى تعالى عن ذلك.
وقال القرطبي: " نهى سبحانه وتعالى عن كل فساد، قلَّ أو كثر، بعد صلاح قلَّ أو كثر، فهو على العموم على الصحيح من الأقوال فكل فعل من الأفعال الإرهابية اقترن بجانب الفساد وتحقق به عدم المشروعية فإنه يعد عملًا إجراميا يجب التعامل معه تعاملًا يحقق القضاء عليه.
ثانيًا: السعي لإلحاق الأذى والضرر بالآخرين سواء كان ضررًا مباشرًا أو بواسطة، فالواقعة الإرهابية المتقرر خللها تقترن بإلحاق الضرر والأذى بما يكون متعرضًا للمقاصد الضرورية التي جاءت الشرائع السماوية بحفظها وهي الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
[ثالثا استخدام العنف العدواني]
ثالثًا: استخدام العنف العدواني والمقترن بالتخويف والترويع فنجد من يقوم بالواقعة الإرهابية لا يفرق بين مواجهة محارب ومسالم آمن، لأن غرضه الوصول إلى هدفه وهو إشاعة الفوضى والتخويف والترويع ولا ينظر إلى الطرق التي تُحقق ذلك، فتجده يقصد الأطفال والعجزة في حين، وفي حين آخر يقصد المنشئات الحيوية والمجالات التطويرية، ولا يشك أحد بأن فعله هنا هو من باب العدوان، لأنه نفذ جريمته من خلال استهداف قنوات مسالمة ومواقع نافعة، ولكن عدوانه ورغبته في تحقيق هدفه الباطل أعمى بصيرته عن عظم جريمته.
رابعا إلحاق الضرر بالأمة التي ينتمي إليها وتشويه صورتها]
رابعًا: إلحاق الضرر بالأمة التي ينتمي إليها وتشويه صورتها فمثلًا في وقتنا الحاضر أُلصقت التهمة والتبعية بالإسلام والمسلمين من قبل فئام من الناس لهم مقاصد باطنة، فألصقوا تهمة الإرهاب والاعتداء بالإسلام والمسلمين من أجل تشويه صورته، وكان لبعض أهل الإسلام سبب رئيس في إلحاق هذه التهمة بهم وبدينهم وذلك لرعونة التصرف وسوء الفعل، فأفعال من ينتسب إلى دين؛ يلحقها الآخرون بهذا الدين، ومما لا شك فيه أن الوقائع الإرهابية التي وقعت في هذا الزمن قد جرّأت أعداء الدين على محاربته، وحرصت على تنفير الناس منه، وفتحت الأبواب للطعن فيه، فتجرأ هؤلاء الأعداء على حروب وإبادات وقتل وترويع وسلب لمدخرات شعوب إسلامية، ما كانوا ليفعلوها لولا وجود المسوغ الظاهري من قبل من ينتمي لهذا الدين الإسلامي الخالد الذي أنزله الله دينًا خاتمًا صالحًا لكل زمان ومكان.
ويقع عب إثبات الدعوى الإرهابية ودلائل تجريمها على الإدعاء العام، لأن إقامة الأدلة على وقوع الجريمة وذكر أسباب تجريمها تقع مسؤوليته على الادعاء العام بالتنسيق مع جهات التحقيق، فهي الجهة التي تقيم الدعوى وتجمع الأدلة المعينة لها وتقرر انعدام الموانع من إيقاع العقوبات وتطلب إنزال العقوبة المناسبة لهذه الواقعة، وقد يقترن بهذه الواقعة حقان عام وخاص فيطالب المدعي العام بالحق العام ويطالب صاحب الحق الخاص بحقه الذي اعتدي عليه به، وقد نص نظام الإجراءات الجزائية في الباب الثاني الفصل الأول على ما يأتي:
المادة السادسة عشرة: تختص هيئة التحقيق والادعاء العام وفقًا لنظامها بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها أمام المحاكم المختصة.
المادة السابعة عشرة: للمجني عليه أو من ينوب عنه، ولوارثه من بعده، حق رفع الدعوى الجزائية في جميع القضايا التي يتعلق بها حق خاص، ومباشرة هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة، وعلى المحكمة في هذه الحالة تبليغ المدعي العام بالحضور.
المادة الثامنة عشرة: لا تجوز إقامة الدعوى الجزائية أو إجراءات التحقيق في الجرائم الواجب فيها حق خاص للأفراد إلا بناءً على شكوى من المجني عليه أو من ينوب عنه أو وارثه من بعده إلى الجهة المختصة، إلا إذا رأت هيئة التحقيق والادعاء العام مصلحة عامة في رفع الدعوى والتحقيق في هذه الجرائم.
المادة التاسعة عشرة: إذا ظهر للمحكمة تعارض بين مصلحة المجني عليه أو وارثه من بعده وبين مصلحة نائبه فيُمنع النائب من الاستمرار في المرافعة ويقام نائب آخر.
المادة العشرون: إذا تبين للمحكمة في دعوى مقامة أمامها أن هناك متهمين غير من أقيمت الدعوى عليهم، أو وقائع أخرى مرتبطة بالتهمة المعروضة فعليها أن تحيط من رفع الدعوى علمًا بذلك، لاستكمال ما يلزم للنظر فيها والحكم فيها بالوجه الشرعي، ويسري هذا الإجراء على محكمة التمييز إذا ظهر لها ذلك.
المادة الحادية والعشرون: للمحكمة إذا وقعت أفعال من شأنها الإخلال بأوامرها أو بالاحترام الواجب لها، أو التأثير في أحد أعضائها أو في أحد أطراف الدعوى أو الشهود، وكان ذلك بشأن دعوى منظورة أمامها، أن تنظر في تلك الأفعال وتحكم فيها بالوجه الشرعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق