Translate

الاثنين، 14 يناير 2013

هل نحن أمة "اِقرأ"/ محمد موافي


من مدة ليست بالقصيرة, لا أشاهد التليفزيون إلا قليلًا, والقليل اختصرته بحمد الله إما في فيلم أجنبي عند السهرة منفردًا, أو قناة "ناشيونال جيوجرافيك" مع ولدي الصغير...ما هذا؟ أين نحن؟ هل نحن نعيش على هذا الكوكب؟ هل يشعر بنا الناس؟ أم أننا مجرد كائنات تعيش على الصراع و الخناق والشتيمة.
غابات أوغندا.. منابع النيل.. بيتنا الكبير, لا وجود لنا فيها, خبير إنجليزي, يدرب الأفارقة على اصطياد التماسيح, صبر غريب, ودأب في التفتيش, وخبرات متراكمة من القراءة والمتابعة, هذا زمانهم, بعد أن مضى زمان ابن سينا والجاحظ... ضحكت وأنا أقلب بيتًا قديمًا: يا أيها الإنجليزي هذا زمانك/ إني قد مضى زمني.
الوعول في روسيا غير كل الوعول, لها قرون غنية بمادة تجدد النشاط, اعتبروه كإكسير الحياة للعجائز, يراقبون الوعل, يعتقلونه, يخدرونه, ويقطعون القرن, ثم يطلقون سراحه, على أمل باللقاء بعد عام حينما ينمو قرنه من جديد, ونحن لا حس و لا خبرُ.
يسألني الصغير: لماذا يصرون على الشرح الصعب والعجيب لهيكل النسر العظمي, ولتوزيع عضلاته, وديناميكية حركة أجنحته, العقاب الأسود سرعته ثلاثمائة وعشرون كيلو مترًا في الساعة, ونحن نركب ظهر السلحفاة... هؤلاء يستخلصون كل فكرة لتطوير الطائرات الحربية... هؤلاء لا ينامون, وتصبح على خير.
كان يلزمني أيام بين عشرات الكتب حتى أعرف قصة حياة جينكيزخان, آلة القتل بغير رحمة, ذبح على أبواب فارس -إيران حاليًا- مائة وخمسين ألفا في يوم وليلة.. مضى المغول يأكلون الأخضر واليابس و يعيشون بالدم ويشربون الدم, فيزرعون الرعب... توقف الفيلم لم يكمل كيف أنهى جيش مصر أسطورة التتار. فسبحان الواحد القهّار.
قرأت كثيرًا عن دولة الإسلام في سمرقند, إحدى أعظم عواصم الحضارة عبر التاريخ.. قرأت عنها في كتب مؤرخينا, وبأقلام الروائيين, فإذا صورة الأنهار أمامي والخيل والبغال والحمير, التي قرأت وصفها, وخاب خيال الكتاب عنها وعجز.
كيف استطاع الصينيون أن يطوروا أساليب الدفاع عن النفس؟ كيف راقبوا الحيوانات؟ كيف عشق الأوروبيون الخيل؟ وكيف نسينا نحن أنه معقود بنواصيها الخير! كيف انتصر الروس على الألمان؟ وقبل ذلك لماذا قهروا نابليون وتمشوا بشوارع باريس.. كيف ساعدتهم الخيل؟ وكيف ضاعت من الفرنسيس خيولهم؟!
نسينا في زحمة التفاهات التمسك بالعلم, والفوز بخيار العلم, أهملنا كتاب الكيمياء لصالح كتاب الجدل, وبعنا كتاب الفيزياء لأجل عيون شاشة نشاهد عليها معاركنا بالشوارع  وصخبنا الفضائي, أهملنا كتاب الأحياء, فصرنا نصف أحياء, نصف ميتين.. الناس قد دخلوا عصر الناشيونال جيوجرافيك, ونحن مخدرون بحشيشة التوك شو.
نقلا عن جريدة المصريون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق