Translate

الجمعة، 21 ديسمبر 2012

المصدر الرابع من مصادر التشريع الإسلامي الاجتهاد


رابعا: الاجتهاد: الاجتهاد هو المصدر الرابع من مصادر التشريع الإسلامي، فإذا عرضت قضية ولم ينص على حكمها في الكتاب أو السنة أو الإجماع، فإن الكتاب والسنة دلا على مكانة الاجتهاد، وأنه طريق من طرق الوصول إلى الحكم الإسلامي مثل قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]  وقوله تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم: 28] ومن السنة حديث معاذ عندما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمره بالرجوع إلى الكتاب، ثم السنة، ثم الاجتهاد .
والفرق بين الإجماع والاجتهاد هو أن الاجتهاد رأي غير مجمع عليه، فإذا أجمع عليه كان الإجماع، ولذا تقدم الإجماع على الاجتهاد فصار أقوى منه والمجتهد لا يعتمد في اجتهاده على رأيه المجرد، بل عندما لا يجد النص من الكتاب أو السنة أو الإجماع فإنه يغوص في الكتاب والسنة ويتلمس الأشباه والنظائر ثم يقيس الأمور وينظر فيها .
وفي مجال التشريع الدستوري فإن الاجتهاد يعتبر مصدرا من مصادر الدستور في النظام الإسلامي، بل هو أوسع المصادر مجالا بالنسبة للأحكام الدستورية. والاجتهاد في المسائل الدستورية يصدر عن طريق أولي الأمر . وإذا صدر الاجتهاد بشأن مسألة دستورية من أولي الأمر وفقا لقواعد الاجتهاد الصحيحة يكون الحكم واجب الطاعة والتنفيذ، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]  إذ هو اجتهاد صحيح مقترن بالأمر فتجب طاعته.

وذكر بعض الباحثين أن الحكم الصادر عن الاجتهاد بشأن مسألة دستورية إذا كان صادرا من المجتهدين سواء أكانوا من مجتهدي الصحابة أو ممن بعدهم من مجتهدي الأمة إلى هذا العصر فإن هذه الاجتهادات تشكل مصدرا يستنير به الحاكم المسلم، ولا حرج عليه بأن يأخذ بأحد الاجتهادات في مسألة ما - بعد المشاورة -، وعندئذ له أن يأمر باتباع هذا الاجتهاد، ويجب على الأفراد الطاعة له .
وهذا كلام لا يؤخذ على إطلاقه، فإن الاجتهاد إذا كان صحيحا وبشرائطه ولم يظهر ما يخالفه ولم يكن مرتبطا بزمن أو مكان أو قضية معينة فإنه يجب العمل به، أما إذا كان غير ذلك فالحاكم يختار ما يراه أصلح لوقته بعد التشاور مع أهل الرأي والحل والعقد.
وللاجتهاد في استنباط الأحكام الشرعية أصول تحدثت عنها كتب الأصول والتشريع أهمها:
1 - القياس. 2 - الاستحسان. 3 - الاستصلاح. 4 - الاستصحاب. 5 - العرف.
ومن الأمثلة لبعض الأحكام الدستورية التي يمكن أن تستنبط عن طريق الاجتهاد باستخدام القياس، قياس أهل القوة والشوكة ممن يصلحون للإمارة على قريش، بجامع علة مشتركة بينهما هي القوة والشوكة فيكون الأمير من غير قريش على أن يكون من أهل القوة والشوكة ومن الأمثلة كذلك ما فعله عمر رضي الله عنه من فصله للسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية في بعض الأمور والأحوال، مستخدما المصلحة المرسلة، ومن ذلك يتضح أنه تم فعلا استنباط أحكام دستورية عن طريق الاجتهاد.
وباب الاجتهاد هذا - بقواعده الصحيحة - هو الينبوع الذي يمد الأحكام الدستورية في العصر الحديث بالروح، والحيوية، ويجعلها مرنة ومتطورة حسب الحاجة وفق إطار ثابت وسياج قوي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مما يعطي ثروة من الآراء والحلول في مجال الأحكام الدستورية، وهي بلا شك ليست ملزمة أو قطعية لطبيعتها الاجتهادية، ولذلك تعطى حكم المصادر الاحتياطية أو التفسيرية، ولا تكون ملزمة إلا في حالة تبني أولي الأمر لأحد الاجتهادات، وبالتالي تلزم الطاعة في وقت محدد، أي ليست ملزمة على مر العصور؛ لأنها من الأحكام المتغيرة بتغير الأحوال لا الأحكام الثابتة.
وبعد الكلام على مصادر الدستور الإسلامي يرد تساؤل عن مصادر الدستور الوضعي، ومكانتها من الدستور الإسلامي؟ وللإجابة عن ذلك باختصار نقول:
من المعروف أن مصادر الدستور الوضعي هي الفقه القانوني، والقضاء، والعرف، والتشريع، وهذه المصادر لا يمكن قبولها هكذا مجردة، لتكون مصادر للدستور في الإسلام، إنما يمكن الأخذ بها عندما لا تكون مخالفة لنصوص وأحكام الشريعة الإسلامية، وعند ذلك تدخل هذه المصادر جميعا ضمن مصادر الدستور في الإسلام.




هناك تعليق واحد:

  1. المصدر الرابع فى التشريع القياس يافالح وليس الاجتهاد

    ردحذف